للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشجر الذي قد تحاتَّ من الصريد -يعني: البرد الشديد- وذاكر الله في الغافلين يعرفه الله مقعده من الجنة، وذاكر الله في الغافلين يغفر الله له بعدد كل فصيحٍ وأعجم"، كذا في "الجامع" (١).

وأقول: وذاكر الله في الغافلين بمنزلة العالم في الجاهلين، وبمنزلة الشبعان بين الجائعين، وبمنزلة الحيّ بين الأموات -أي: في المقابر- وبمنزلة السلطان بين العساكر، وبمنزلة الجوهر بين الحجر والمدر.

(ما من قومٍ جلسوا مجلسًا) ظرف أو مفعول مطلق، أي: جلوسًا، ويؤيد الأول قوله: (وتفرقوا منه) أي: من ذلك المجلس (ولم يذكروا الله فيه) وهو بالواو في "أصل الجلال" وفي نسخة "للأصيل"، فيحتمل العطفَ والحالَ، وأمّا على نسخة ترك الواو، فيتعين وقوعه للحال، (إلا كأنّما تفرقوا عن جيفة حمارٍ) استثناء مفرغ من أعمّ الأحوال، أي: لم يجتمع ما ذكر في حالٍ من الأحوال إلا في حالِ تشبههم في غفلتهم بحال تفرقهم عن جيفة حمارٍ منتنة، فإنهم حيث اشتغلوا بغير ذكر الله، لا سيما إذا كان الكلام في جيفة الدنيا، فكأنهم استعملوا من أكل الحمار الميت.

وفيه تنفير عن الغفلة وترهيبٌ منه، وترغيبٌ في الذكر، فإن الذاكرين يشبهون حينئذٍ بمن أكل الطيبات، واستعمل [الملذات] (٢)، ثم تخصيص


(١) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (٦/ ١٨١) وقال الألباني في الضعيفة (٦٧١): ضعيف جدًّا.
(٢) كذا في (أ) و (ب) و (ج)، وفي (د) و (هـ): "المستلذات".

<<  <  ج: ص:  >  >>