للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفسها، وأما الرضا بقضائها أو بها من حيث إنها مقضية فلا، بل يجب الرضا [به و] (١) بها من حيث إنها مقضية، والرضا فيه أيضًا حقيقة بالقضاء، فيرجع إلى الأول، فتدبر وتأمل.

وبه يزول الإشكال المشهور، وهو أن الرضا بالقضاء فرض وإيمان، وأن الرضا بالكفر مع أنه من القضاء كفر وعصيان، ثم لا شك أن الرضا قبل القضاء لازم أيضًا، ويطلب منه تعالى التوفيق له، والثبات عليه.

لكن الفرد الأكمل لما كان هو الرضا بعد تحقق القضاء، اقتصر في السؤال عليه كما ورد في الحديث: "إن الصبر عند الصدمة الأولى" (٢)، وإلا فالصبر لازم في كل حال من أحوال [بلاء] (٣) المولى.

(وبرد العيش بعد الموت) البرد ضد الحر، ولكثرة الحرارة في بلاد العرب جعلوا كل محبوب عندهم باردًا، والعيش هو الحياة، فالمراد بـ "برد العيش بعد الموت" حسن الحياة وطيبها بعده، وإنما قيده بما بعده لأن ما قبله حياة فانية لا عبرة بطيبها وغيره؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾ [العنكبوت: ٦٤]، ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ


(١) زيادة من (ج) و (د) فقط.
(٢) أخرجه البخاري (١٢٨٣، ١٣٠٢)، ومسلم (٩٢٦)؛ كلاهما من حديث أنس به مرفوعًا.
(٣) كذا في (أ) و (ب) و (د)، وفي (ج): "الإبلاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>