للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(اللهم اغفر لي ذنبي كله، دِقَّهُ) بكسر الدال المهملة وتشديد القاف، (وجِلَّهُ) بكسر الجيم وتشديد اللام، أي: قليله وكثيره، وقيل: "الدق بكسر الدال: الدقيق، والجل بكسر الجيم وضمها: الجليل"، وقال في "النهاية": "المراد بالدق: الصغير، وبالجل: الكبير".

قال الطيبي: "وإنما قدم الدِّقَّ على الجِلِّ؛ لأن السائل يتصاعد في مسألته، ولأن الكبائر تنشأ غالبًا من الإصرار على الصغائر، وعدم المبالاة بها، فكأنها وسائل إلى الكبائر، ومن حق الوسيلة أن تقدم إثباتًا ونفيًا".

(وأوَّلَه وآخرَهُ، وَعَلانِيتُهُ وسرَّهُ) فإن قلت: قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما فائدته؟ قلت: فائدته بيان الافتقار إلى الله تعالى، والإذعان له، وإظهار العبودية والشكر للنعمة، وطلب الدوام، أو الاستغفار عن ترك الأولى، أو [عن] (١) التقصير في بلوغ حق عبادة المولى، مع أن نفس الدعاء هو العبادة، وهذا من رسول الله عمل بما أمر به في قوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ﴾ [النصر: ٣] على أحسن الوجوه.

وكان يأتي به في الركوع والسجود كثيرًا؛ لأن [الاستغفار] (٢) في حالة الصلاة أفضل من غيرها، ثم في تينك الحالتين زيادة خضوع وخشوع،


= (٦٠٠)، والبيهقي في السنن (٢/ ١٠٩)، وفي الدعوات الكبير (٧٦)، والبغوي في شرح السنة (١٦١٨).
(١) من (ج) فقط.
(٢) من (ج) فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>