المفعول في الجمل الثلاثة لا يخلو: إما أن يكون راجعًا إلى الله تعالى، أو إلى الحمد، أو إلى الطعام الذي يدل عليه السياق.
فعلى الأول: يجوز أن يقرأ "غير" منصوبًا بإضمار "أعني"، أو على أنه حال، أي: الله سبحانه غير مكفي رِزق عباده؛ لأنه لا يكفيه أحد غيره، وقيل:"أي غير محتاج إلى أحد، لكنه هو الذي يطعم عباده ويكفيهم"، "ولا مودع"، أي: غير متروكٍ الطلبُ منه، والرغبةُ فيما عنده، ولا مستغنًى عنه؛ لأنه في جميع الأمور وهو المرجع والمستعان والمدعو، ويجوز أن يقرأ مرفوعًا، أي: هو غير مكفي … إلى آخره.
وعلى الثاني: معناه أن هذا الحمد غير مأتي به كما هو حقّه، لقصور القدرة، ومع هذا فـ"غير مودع" أي: غير متروك، بل الاشتغال به دائم من غير انقطاع، كما أن نعمه سبحانه لا تنقطع عنا طرفة عين، "ولا مستغنًى عنه" لأن الإتيان به ضروري دائمًا، ورفع "غير" ونصبه بحالهما.
وعلى الثالث: معناه أنه "غير مكفي" من عندنا، بل هو الكافي والرازق، أو غير مردود إليه؛ لأن الاحتياج إليه قد بلغ الغاية، "ولا مودع" أي: غير متروك؛ لأن الحاجة إليه دائمةٌ، "ولا مستغنًى عنه" جملة مؤكدة للجملة السابقة، والنصب والرفع في "غير" بحالهما أيضًا.
(خ، عه) أي رواه: البخاري، والأربعة؛ كلهم عن أبي أمامة (١).
(١) أخرجه أحمد (٥/ ٢٥٢ و ٢٥٦ و ٥/ ٢٦١ و ٥/ ٢٦٧) والدارمي (٢٠٢٣ =