رواه البخاري عن أنس، (فإذا أحرم) أي: بالنية (لَبَّى) أي: إذا أراد الإحرام لبى ناويًا.
والحاصل: أن الإحرام عند علمائنا الحنفية ما يتم إلا بالنية والتلبية، وهما فرضان فيه، وهو شرط في كل من النسكين، وعند علماء الشافعية التلبية سنة، وهو من الأركان.
(لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك) اعلم أن التلبية مصدر لبى، أي قال: لبيك، ومعنى لبيك:"سرعة الإجابة وإظهار الطاعة"، قال الخطابي وقال النحويون:"مأخوذ من ألبَّ الرجلُ المكانَ، وألب به: إذا لزمه"، قالوا:"ومعنى التلبية فيه للتوكيد والتكثير والمبالغة، كأنه قال: إلبابًا بإجابتك بعد إلباب، ولزومًا بطاعتك بعد لزوم، وإجابتك بعد إجابة".
وقال الأزهري:"أي: أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة، وأصلها إلبابين فحذفت النون للإضافة، وهذا أظهر الأقوال في معناها، لكن تمام مبناها أنه حذف الزوائد وأدغم الباء في الباء، وحركت الأولى بالفتح؛ لتعذر الابتداء بالساكن"(١).
وقال بعض المحققين:"أصله إلبابين، نقلت حركة الباء إلى اللام، وحذفت الهمزة ثم حذفت الألف؛ لسكونها وسكون الباء الأولى وأدغمت في الثانية، ثم أضيفت إلى كاف الخطاب فحذفت النون للإضافة فصار لبيك، وتقديره: ألبيت يا رب بخدمتك إلبابًا بعد إلباب، أي: قمت بخدمتك قيامًا بعد قيام" انتهى، وتكلفه لا يخفى.