للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من سعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَرَفَاتٍ، فَقَالَ: مَا لِي لَا أَسْمَعُ النَّاسَ يُلَبُّونَ؟ فَقُلْتُ: يَخَافُونَ مِنْ مُعَاوِيَةَ، فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ فُسْطَاطِهِ، فَقَالَ: "لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ تَرَكُوا السُّنّةَ مِنْ بُغضِ عَلِيٍّ" واللفظ للنسائي (١)، كذا ذكره ميرك.

(ولما وقف) أي: النبي (بعرفات وقال: لبيك اللهم لبيك، إنما الخير خير الآخرة) وفي رواية: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة"؛ فكأنه تذكر بعد كمال أمره، وكثرة أتباعه، وسعة جاهه، فناء الدنيا مع قلة غنائها، وكثرة عنائها، وخسة شركائها، وبقاء العقبى وأنواع نعيمها؛ فقال هذا القول.

كما أنه قاله أيضًا في حال كمال ضيقه وشدة جوعه، وكثرة محنته يوم الأحزاب، وقت حفر الخندق؛ تنبيهًا أن السالك ينبغي أن يذكر في الحالين الأخرى، فإنه لا يبقى شر الدنيا. "الأوسط" عن ابن عباس.

(فإذا صلى العصر) أي: في وقت الظهر في مسجد نمرة بقرب عرفة؛ فإنه جمع تقديم للنسك عندنا بشروط معروفة في كتب الفقه، وعند الشافعي للسفر.

(ووقف بعرفة) والأفضل: أن لا يكون فوق الجبل، بل [عن] (٢) يسار


(١) أخرجه ابن خزيمة (٢٨٣٠) وصححَّه، والنسائي (٥/ ٢٥٣)، والحاكم (١/ ٤٦٥) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وقال شارح سنن النسائي: هذا الذي قاله ابن عباس يحتمل أن يكونَ لما رأى معاوية ترك التلبية بعرفة ظن أنَّه تركه لبغض علي، والظن قد يخطئ، والذي يظهر أنَّ معاوية إنما تركه لعدم علمه بسنية التلبية فيها. والله أعلم.
(٢) كذا في (أ) و (ج) و (د)، وفي (ب): "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>