وقال ابن حزم في المحك (ج ٧ ص ٨٨ المسئلة ٨٥٣): وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة ومزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر؛ لأن عرفة من الحل وبطن عرنة من الحرم فهو غير عرفة وأما مزدلفة فهي المشعر الحرام وهي من الحرم وبطن محسر من الحل فهو غير مزدلفة. ولا ريب أن منى عنده من الحرم فهي غير محسر الذي هو عنده من الحل. وقد أغرب في زعمه أن بطن عرنة من الحرم وأغرب من ذلك زعمه أن محسرا من الحل. احتج ابن حزم باختلاف المكانين في أن هذا من الحل وهذا من الحرم على تغايرهما واختلاف حكمهما وأنها لحجة لو صح ذاك الاختلاف. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مناسكه: "ومزدلفة كلها يقال لها المشعر الحرام وهي ما بين مأزمي عرفة إلى بطن عرنة فإن بين كل مشعرين حدا ليس منهما فإن بين عرفة ومزدلفة بطن عرنة وبين مزدلفة ومنى بطن محسر. كأنه نظر إلى عبارة ابن حزم وأعرض عما فيها من الخطأ. وقد أوضح ابن القيم ذلك فقال في الهدي: "ومحسر برزخ بين منى وبين مزدلفة لا من هذه ولا من هذه. وعرنة برزخ بين عرفة والمشعر الحرام فبين كل مشعرين برزخ ليس منهما. فمنى: من الحرم وهي مشعر. ومحسر: من الحرم وليس بمشعر. ومزدلفة: حرم ومشعر. وعرنة: ليست مشعرا وهي من الحل. وعرفة: حل ومشعر". ولا ريب أن الشيخين كانا عارفين بحديث ابن الزبير عن أبي معبد ومع ذلك قطعا بأن محسرًا ليس من منى وفي هذا سند قوي لما تقدم من الكلام فيه. والله أعلم .. ) انتهى.