وطالما أن الأمر كذلك فإنه لا بد للدعوة الإسلامية في هذا العصر خاصة من أمرين:
أولهما: تصفية دين الإسلام مما هو غريب عنه مما هو مخالف للكتاب والسنة، وما كان عليه سلف الأمة رضوان الله عليهم كالشرك، وجحد الصفات الإلهية وتحريفها باسم التأويل، والاجتهادات الخاطئة، والأحاديث الضعيفة والموضوعة والمنكرة وغير ذلك.
أما الأمر الثاني: فهو تربية الناس - والجيل الناشئ خصوصا - على هذا الإسلام المصفى من كل شائبة تربية إسلامية صحيحة منذ نعومة أظفاره، ورأس ذلك وأساسه وأسه: توحيد الله سبحانه، وإفراده بالعبادة وحده لا شريك له، والكفر بما يعبد من دونه، فإن حاجة الخلق إلى ذلك وإلى العلم بالله وأسمائه وصفاته فوق كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة، فحاجتهم إليه فوق حاجتهم للطعام والشراب، بل وإلى النَّفَس الذي لا حياة إلا به.
هذا الأمر المهم العظيم الذي لأجله انقسم الناس إلى مؤمنين وكفار، ودخلوا به الجنة أو النار، هو أجل ما يقضى فيه الأوقات، وتصرف في سبيله الأموال، بل وتبذل النفوس الغالية رخيصة لأجل إعلاء كلمة الله، فحري بنا أن نحرص كل الحرص على تعلم توحيد الله تعالى وتعليمه، والحرص على الابتعاد عما يناقضه من الشرك واتخاذ الصالحين والأنبياء والملائكة وغيرها معبودات مع الله، كما كان عليه أهل الجاهلية، الذين جاء نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بمخالفتهم في هذا الأمر العظيم، وفي غيره؛ ذلك أن جميع الرسل والأنبياء بعثوا بالتوحيد وهو إفراد الله بالعبادة، قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: ٢٥] وقال عز اسمه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}[الزمر: ٢] وقال سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}[النساء: ٣٦]
وقد بقي الناس بعد آدم عشرة قرون على التوحيد، ثم حدث الشرك بشبهة تعظيم الصالحين، والدليل قول الله تعالى:{وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}[نوح: ٢٣] قال ابن عباس رضي الله عنهما: «أسماء رجال صالحين من