للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان» (١) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة» وذو الخلصة: طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية (٢) وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى» (٣) .

إذا علمت ذلك أفادك فائدتين:

الأولى: الفرح بفضل الله وبرحمته، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨]

الثانية: الخوف العظيم من الشرك، فإن سادات الأولياء خافوا منه كمثل نبي الله وخليله إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم فقد قال الله عنه أنه دعا ربه بقوله: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: ٣٥] وقال نبي الله وخليله محمد صلى الله عليه وآله وسلم: «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم» (٤) وخصوصا أن الله قص علينا في القرآن الكريم عن قوم موسى عليه السلام مع صلاحهم وعلمهم، وأن الله فضلهم على أهل زمانهم، بدليل قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: ٤٧] مع ذلك طلبوا من نبيهم أن يجعل لهم إلها غير الله يعبدونه، كما أن للمشركين آلهة يعبدونها، قال تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: ١٣٨] يعني: تجهلون عظمة الله، وما ينبغي أن ينزه عنه من الشريك.

واعلم أن الله سبحانه من حكمته أنه جعل لكل نبي عدوا، والدليل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: ١١٢]


(١) صحيح: رواه أبو داود في (الفتن والملاحم ذكر الفتن ودلائلها: ٤٢٥٢) .
(٢) متفق عليه: رواه البخاري في (الفتن باب: تغير الزمان حتى تعبد الأوثان: ٧١١٦) واللفظ له، ومسلم في (الفتن: ٧٢٩٨) وفيه: ". . حول ذي الخلصة "، وكانت صنما تعبدها دوس في الجاهلية، بتباله.
(٣) رواه في (كتاب الفتن: ٧٢٩٩) .
(٤) رواه البخاري في " الأدب المفرد " (٧١٦) .

<<  <   >  >>