للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ النَّفَقَاتِ

إذا تسلَّمَ الزوجُ المرأةَ التسليمَ الشرعيَّ، هو أو أبوه أو نحوُهما، وأطعَمَها كما جرَتِ به العادةُ؛ لم يكُنْ لأبيها أن يدَّعِيَ بالنفقةِ، وأنه لم يأذنْ، وأنها تحتَ حِجْرِه، وإن كان قد توهَّم ذلك، وقاله طائفةٌ، فإذا طلب ولِيُّها النفقةَ، ولم يعتدَّ بما أُنفِقَ عليها؛ كان ظالمًا، لا تحتملهُ الشريعةُ.

ومن توهَّم أن النفقةَ كالدَّينِ، لا بدَّ أن يقبضَه الوليُّ، وهو لم يأذنْ فيه؛ كان مخطئًا من وجوهٍ:

أحدُها: أن المقصودَ بالنفقةِ إطعامُها، لا حفظُ المالِ، وقبضُ الوليِّ ليس فيه فائدةٌ، ولا يُحتاجُ إلى إذنِه، فإنه واجبٌ بالشرعِ، فلو نهى الوليُّ عن الإنفاقِ عليها؛ لم يُلتفَتْ إليه.

وأيضًا: إقرارُه لها معَ حاجتِه (١) إلى النفقةِ إذنٌ عرفيٌّ، ولا يقالُ: إنه لم يأتمنِ الزوجَ على النفقةِ؛ لأن الائتمانَ بها حصَلَ بالشرعِ، كما اؤتُمِنَ على بدَنِها والقَسْم لها وغيرِ ذلك من حقوقِها، فإن الرجالَ قوَّامونَ على النساءِ، والنساءُ عوانٍ عندَهم، ولأن الائتمانَ العرفيَّ كاللفظيِّ (٢).


(١) في (ك) و (ع) و (ز): حاجتها. والمثبت موافق لما في الأصل ولأصل الفتوى.
(٢) ينظر أصل الفتوى من قوله: (إذا تسلَّمَ الزوجُ … ) في مجموع الفتاوى ٣٤/ ٩٦، والفتاوى الكبرى ٣/ ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>