للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ حَدِّ الزِّنَى وَالقَذْفِ

تُغلَّظُ المعصيةُ وعقابُها في الأيامِ المفضَّلةِ والأمكنةِ المفضَّلةِ (١).

والوَطْءُ في الدُّبُرِ محرمٌ بالكتابِ والسُّنَّةِ، وعليه عامةُ الأمةِ، وهو كاللواطِ في الذَّكرِ، وهذا قولُ أبي حنيفةَ، والشافعيِّ، وأحمدَ، وأصحابِهم، بلا نزاعٍ عنهم، وهو الظاهرُ من مذهَبِ مالكٍ وأصحابِه، وحكى بعضُ الناسِ عنهم روايةً أخرى بخلافِ ذلك، ومنهم من أنكَرَها.

وأصلُ ذلك ما نُقِل عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ (٢)، وكان سالِمُ بنُ عبدِ اللهِ يُكذِّبُ نافعًا في ذلك (٣)، فإما أن يكونَ نافعٌ غلِطَ، أو غلِطَ مَن فوقَه، وإذا غلِطَ بعضُ الناسِ غلطةً؛ لم يكُنْ هذا مما يُسوِّغُ خلاف الكتابِ والسُّنَّةِ، فإنه ثبَتَ عنه أنه قال: «إن اللهَ لا يستحي من الحقِّ، لا تأتوا النِّساءَ في حُشُوشِهنَّ» (٤)، وقال تعالى: {فأتوا حرثكم}؛ والحرثُ مكانُ


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (تُغلَّظُ المعصيةُ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣٤/ ١٨٠، والفتاوى الكبرى ٣/ ٤١٢.
(٢) رواه النسائي في الكبرى (٨٩٣٠)، وابن جرير في التفسير (٣/ ٧٥١)، وغيرهما، وأصله في صحيح البخاري (٦/ ٢٩)، وساق ابن حجر الطرق عن نافع به في فتح الباري (٨/ ١٨٩).
(٣) رواه ابن جرير (٣/ ٧٥١)، والمخلِّص في المخلصيات (٢/ ٣٥٣)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (١٥/ ٤٢٧).
(٤) رواه الطحاوي في معاني الآثار (٤٤١٨)، والدارقطني (٣٧٥٠)، من حديث جابر رضي الله عنه. ورواه أحمد (٣٩/ ٤٧٠) من حديث علي بن طلق بلفظ: «ولا تأتوا النساء في أدبارهن، فإن الله لا يستحيي من الحق».

<<  <  ج: ص:  >  >>