للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

في السنن: «أن الذي يُحدِّثُ فيكذب فيُضحِكُ الناسَ؛ ويلٌ له، ثم ويلٌ له، ثم ويل له» (١)، والمصِرُّ على ذلك فاسقٌ، مسلوبُ الولايةِ، مردودُ الشهادةِ.

وما كان مباحًا في غيرِ حالِ القراءةِ؛ مثلُ المزاحِ الذي جاءَتْ به الآثارُ، وهو أن يمزحَ ولا يقولَ إلا حقًا (٢)، لا يكونُ في مزاحِه كذبٌ ولا عدوانٌ، فهذا أيضًا لا يُقالُ في حالِ القراءةِ، بل يُنَزَّهُ عنه القرآنِ، فليس كلُّ ما يُباحُ في حالِ غيرِ القراءةِ يُباحُ فيها، كما أنه ليس كلُّ ما يباحُ خارجَ الصَّلاةِ يباحُ فيها؛ لا سيَّما ما كان يَشْغَلُ القارئَ والمستمعَ عن التدبرِ والفهمِ؛ مثلُ كونِه يُخايلُ أو يضحكُ، كيفَ واللغوُ والضحكُ حالَ القراءةِ من أعمالِ المشركينَ؟! كما قال: {وقالوا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه}، {وإذا علم من آياتنا شيئًا اتخذها هزوا}، {أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون}، ووصَف المؤمنينَ أنهم يبكونَ ويخشعونَ حالَ القراءةِ.

فمن كان يضحكُ حالَ القراءةِ؛ فقد تشبَّهَ بالمشركينَ لا بالمؤمنينَ، وليس لأحد إذا أُنكِرَ عليه يقولُ للذي أنكَرَ عليه: أنتَ مُراءٍ؛ بل عليه أن


(١) رواه أحمد (٢٠٠٢١)، وأبو داود (٤٩٩٠)، والترمذي (٢٣١٥)، من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه.
(٢) رواه أحمد (٨٤٨١)، والترمذي (١٩٩٠)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>