للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزاجر الشرعيِّ زاجراً طبيعيًّا، وهو الحدُّ، والحشيشةُ من هذا البابِ (١).

وما يروَى أن عمرَ أباح النصوحَ (٢)، - وصورتُه: أن يغليَ العصيرَ حتى يذهبَ ثُلُثاه-، فالذي أباحَه عمرُ لم يكُنْ يُسكِرُ، فمن نقَل أنه أباح المُسكِرَ فقد كذَب.

وأما إذا أضيفَ إليه شيءٌ؛ مثلُ أفاويه (٣) مما تُقوِّيه؛ حتى يصيرَ يسكِرُ؛ فهذا من باب الخليطينِ، وقد استفاضَ النَّهْيُ عن الخليطينِ، لتقويةِ أحدِهما الآخرَ، كما نُهيَ عن خليطِ التمرِ والزبيبِ، وعن الرطبِ والتمرِ (٤)، وللعُلماءِ نزاعٌ في الخليطينِ إذا لم يُسكِرا، كما تَنازَعوا في نبيذِ الأوعيةِ التي لا تنشقُ (٥) بالغليانِ، وكما تَنازَعوا في العصيرِ والنبيذِ بعدَ ثلاثٍ.

وأما إذا صار الخليطانِ مُسكِرًا؛ فإنه حرامٌ باتفاقِ جماهيرِ علماءِ الأمةِ؛ كأهلِ الحجازِ، واليمنِ، ومصرَ، والشامِ، والبصرةِ، وفقهاءِ


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (ويجبُ فيها الحدُّ … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣٤/ ١٩٧، الفتاوى الكبرى ٣/ ٤١٨.
(٢) رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن (٧٢١)، وابن أبي شيبة (٢٣٩٨٨)، والبخاري معلقًا بصيغة الجزم (٧/ ١٠٧).
(٣) الأفواه: ما يعالج به الطيب، كما أن التوابل ما تعالج به الأطعمة. يقال: فوه وأفواه، مثل سوق وأسواق، و"أفاويه" هو جمع الجمع. ينظر: الصحاح ٦/ ٢٢٤٤، تاج العروس ٣٦/ ٤٦٩.
(٤) رواه مسلم (١٩٨٦)، من حديث جابر رضي الله عنه.
(٥) في مجموع الفتاوى ٣٤/ ٢٠١: (لا يشتد).

<<  <  ج: ص:  >  >>