للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تزَنْدقَ بعضُ الكذابينَ، ورَوى أن أعرابيًّا أنشد للنبيِّ صلى الله عليه وسلم:

قد لسعَتْ حيةُ الهوى كَبِدي فلا طبيبَ لها ولا راقي

إلا الحبيبُ الذي شُغِفْتُ به فعندَه رُقْيَتي وتَرْياقي

وأنه تواجدَ حتى سقَط رداؤُه عن مَنكِبيه، وقال: «ليس بكريمٍ مَن لم يتواجدْ عندَ ذكرِ محبوبه» (١).

وهذا كذبٌ بإجماعِ العارفينَ بسيرةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وسنتِه وأحوالِه، كما كذَب بعضُهم أن أهلَ الصُّفَّةِ قاتلوا المسلمِينَ معَ المشركينَ، فهذا كلُّه قد كَذَبه مَن خرَج عن أمرِ اللهِ ورسولِه، ونفَقَتْ على طوائفَ من الجاهلينَ.

وأما الرقصُ؛ فلم يأمُرِ اللهُ به ولا رسولُه، ولا أحدٌ من الأئمَّةِ؛ بل قال: {ولا تمش في الأرضِ مرحا}، والرقصُ شيء من ذلك.

وليس لأحدٍ أن يتعاطى ما يُسكِرُه ويُخرِجُه عن عقلِه، فمن كان صادقًا في هذه الأحوالِ؛ فهو مبتدعٌ ضالٌّ، من جنسِ خُفَراء العدوِّ وأعوانِ الظلمةِ، ومن كان كاذبًا فهو منافقٌ ضالٌّ، وقال الجُنَيدُ: (من وقَّر صاحبَ بدعةٍ؛ فقد أعانَ على هدمِ الإسلامِ، ومَن انتَهرَ صاحبَ بدعةٍ؛ ملأ اللهُ قلبَه أمنًا وإيمانًا)، وإذا كان غيرَ مشروعٍ ولا مأمورٍ به؛


(١) قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ١١/ ٥٦٣: (ذكره محمد بن طاهر المقدسي في "مسألة السماع" وفي "صفة التصوف"، ورواه من طريقه الشيخ أبو حفص عمر السهروردي صاحب عوارف المعارف).

<<  <  ج: ص:  >  >>