للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيمانِهم إلى ما لا يعلمونَ» (١)، وإن كان المدعي هو العالمَ؛ مثلُ: أن يدَّعِيَ على وَرَثةِ الميتِ حقًّا عليه يتعلق بتَرِكتِه؛ فهنا لهم رَدُّ اليمينِ عليه، فإذا لم يحلِفْ لم يأخُذْ، وأما إذا كان المدعي يدعي العلمَ، والمنكِرُ يدعي العلمَ؛ فهنا يتوجَّهُ القولانِ.

وإذا مات الرجلُ، وقد قال لأولادِه: إنه طلَّق امرأتَه من مدةٍ، واتفقوا معَ بعضِ الشهودِ من أصحابِ الميتِ، فشهِدوا بذلك، وهم من أصحابِه المباطِنِينَ له، وكانت المرأةُ مقيمةً معَه إلى أن تُوُفِّي، يخلو بها، وهم يعلمونَ ذلك في العادةِ؛ فإن شهادتَهم مردودةٌ؛ لأن إقرارَهم له على خَلْوتِه بها بعدَ الطلاقِ يجرَحُ عَدالتَهم.

وإذا حَبَستِ المرأة زوجَها على حقٍّ؛ فله عليها ما كان يجبُ قبلَ الحبسِ؛ من إسكانِها حيثُ شاءَ، ومَنْعِها الخروجَ، فإذا أمكنَ حبسُه في مكانٍ تكونُ هي عندَه تمنَعُه من الخروجِ ويمنعها من الخروج كذلك؛ فُعِل ذلك، وليس للغريمِ منعُ المحبوسِ من حوائجِه إذا احتاج؛ بل يُخرجُه ويلازِمُه؛ مثلُ: غُسْلِ الجنابةِ، ونحوِه، والزوجُ له مَنْعُها مطلقًا.

وأيضًا: فإنها قد تحبِسُه، وتبقى مفلتةً، تفعلُ الفواحشَ وتقهَرُه وتعاشِرُ مَن تختارُ، وتبقى هي القَوَّامةَ عليه؛ لا سيَّما حيثُ يكثُرُ ذلك في الأزمنةِ والأمكنةِ، فرعايةُ مثلِ ذلك من أعظمِ المصالِحِ الذي لا يجوزُ إهمالُها، فكيفَ يستحلُّ مسلمٌ أن يحبسَ الرجلَ، ويمنعَه حبسَها بل


(١) رواه عبد الرزاق (١٦٠٣٠)، وأبو داود في المراسيل (٣٩٩)، من طريق القاسم بن عبد الرحمن مرسلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>