للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والناسُ في رُوحِ الأدميِّ على طرَفَيْ نقيضٍ، فكثيرٌ من المتكلمةِ يجعَلُها جزءًا من هذا البدنِ، أو صفةً من صفاتِه، وهذا خطأٌ؛ بل الرُّوحُ أمرٌ غيرُ البدنِ وأبعاضِه وصفاتِه، ولهذا تكونُ باقيةً بعدَ مفارقةِ البدنِ.

وكثيرٌ من المتفلسفةِ يُبالِغونَ في تحييزِها ووصفِها بالصفاتِ السلبيةِ؛ حتى يقولونَ: ليسَتْ داخلَ العالَمِ، ولا خارِجَه، ولا متحركةً، ولا ساكنةً، ولا تختصُّ بمكانٍ دونَ مكانٍ، كما يقولونَ في واجبِ الوجودِ، وهذا القولُ أيضًا خطأ باطل.

فصل (١)

هل يكونُ العبدُ قادرًا على غيرِ الفعلِ الذي فعَلَه الذي سبَقَ به العلم مِن اللهِ تعالى؟

هذا مما تنازَعَ فيه الناسُ، كما تَنازَعوا في أن الاستطاعةَ تكونُ مع الفعلِ، أو يجبُ أن تتقدَّمَه؟

فمن قال: إن الاستطاعةَ لا تكونُ إلا معَ الفعلِ، يقولُ: إن العبدَ لا يستطيعُ غيرَ ما فعَلَه، وهو ما تقدَّمَ به العلمُ والكتابُ.

ومَن قال: إن الاستطاعةَ قد تتقدَّمُ الفعلَ، وقد توجدُ بدونِ الفعلِ؛ فإنه يقولُ: إنه سيكونُ مستطيعًا لما لم يفعَلْه، ولما عُلِم وكُتِب أنه لا يفعَلُه.


(١) ينظر أصل الفتوى في هذا الفصل في مجموع الفتاوى ٨/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>