للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجزيةُ وجَبتْ عقوبةً وعِوضًا عن حقنِ الدمِ عندَ أكثرِ العلماءِ، وأجرةً على سُكْنى الدارِ عندَ بعضِهم، ومن قال بالثاني؛ لا يُسقِطُها بإسلامِ مَن وجبت عليه، ولا بموتِه.

ولا جزيةَ على عبدِ المسلمِ، وفي عبدِ الكافرِ نزاعٌ لأحمدَ وغيرِه.

ولعنُ الكفارِ مطلقًا حسَنٌ؛ لِما فيهم من الكفرِ، وأما لعنُ المُعيَّنِ فيُنهَى عنه، وفيه نزاعٌ، وتركُه أَوْلى.

ولا يجوزُ أن يُولَّى الكتابيُّ شيئًا من ولاياتِ المسلمِينَ، لا على الجهات السلطانية، ولا على أخبارِ الأمراءِ، ولا غيرِ ذلك، كما قال عمرُ لما ولَّى رجلٌ نصرانيًّا: «لا تُعِزُّوهم بعدَ إذ أذَلَّهم اللهُ، ولا تأمَنوهم بعدَ إذ خوَّنَهم اللهُ، ولا تُصدِّقوهم بعدَ إذ كذَّبَهم اللهُ» (١)، وكتب إلى خالدٍ بالشامِ: «مات النصراني»، لَمَّا راجَعَه في أمرِ كاتبِ الشامِ أن يكونَ نصرانيًّا (٢)، فقال: قدِّرْ موتَه، فمن ترك شيئًا للهِ؛ عوَّضه اللهُ خيرًا منه.

والمدينةُ التي يسكُنُها المسلمونَ وفيها مساجدُ المسلمِينَ، والقريةُ التي يسكنُها المسلمون وفيها مساجدُ لهم؛ لا يجوزُ أن يظهرَ فيها شيءٌ من شعائرِ الكفرِ، لا كنائسُ ولا غيرُها؛ إلا أن يكونَ لهم عهدٌ، فيُوفَّى لهم بعهدِهم، فلو كان بأرضِ القاهرةِ ونحوِها كنيسةٌ قبلَ بنائها؛ لكان


(١) رواه الخلال في أحكام أهل الملل (٣٢٨)، والبيهقي في الكبرى (٢٠٤٠٩).
(٢) لم نقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>