للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضًا: فليس في الحديثِ أن صلاةَ المريضِ في الأجرِ مثلُ صلاةِ الصحيحِ، ولا أنَّ صلاةَ المنفرِدِ المعذورِ مثلُ صلاةِ الرجلِ في جماعةٍ، وإنما فيه أنَّه يُكتَبُ له مِن العملِ ما كان يعملُ وهو صحيحٌ مقيمٌ.

وقولُه: «صلاةُ الرجلِ قاعدًا على النصفِ من صلاتِه قائمًا» (١)، قال بعضُهم: كيفَ تكونُ صلاةُ المعذورِ قاعدًا دونَ صلاتِه قائمًا؟! فحمَلَ تفضيلَ صلاةِ القائمِ على النَّفْلِ دونَ الفرضِ؛ لأنَّ القيامَ في الفرضِ واجبٌ.

فلزِمَه: أن تجوزَ صلاةُ التطوعِ للصحيحِ مُضطجِعًا؛ لأنَّ في الحديثِ: «وصلاتُه مُضطجِعًا على النصفِ من صلاتِه قاعدًا» (٢).

وقد طرد ذلك طائفةٌ من أصحابِ أحمدَ وغيرِه، وجوَّزوا التطوُّعَ مضطجِعًا لمن هو صحيحٌ؛ وهو قولٌ مُحدَثٌ بدعةٌ.

والجوابُ ما قدَّمْناه: من أنه يُحمَلُ على الفرضِ.

ولا يُعارِضُ مثلَ حديثِ الصلاة منفردًا، وأنَّه إنما يُكتَبُ له إذا كان مِن عادتِه أن يعملَ، ونيَّتُه أن يعملَ، لكن عجَزَ بالمرضِ والسفرِ، ومَن لم يكُنْ له عادةٌ لا يُكتَبُ له غيرُ ما عمِلَه، فلا تعارضَ بينَ الأحاديثِ.

وتُدرَكُ الجماعةُ، والوقتُ، والجمعةُ، والمسافرُ صلاةَ المقيمِ، وإدراكُ الحائضِ آخِرَ الوقتِ، أو إدراكُ أولِ الوقتِ: كلٌّ بركعةٍ في الصحيحِ من قولَيِ العلماءِ.


(١) رواه مسلم (٧٣٥) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(٢) رواه البخاري (١١١٥)، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>