للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الزَّكَاةِ

إذا خلَّفَ مُوروثٌ مالًا؛ من إبلٍ، أو غنمٍ، أو غيرِه، فيه شيءٌ حرامٌ من غصْبٍ أو غيرِه لا يعرِفُه الوارثُ عَيْنًا - يعرِفُ مالكَه أو لا يعرِفُه - وقدرُ نصيبِ الحرامِ غيرُ معروفٍ: فإنه يَقسم نِصْفينِ؛ نصفُه لهذه الجهةِ، ونصفُه لهذه الجهةِ؛ كما فعل عمرُ بنُ الخطابِ في مشاطرةِ العمالِ لمَّا تبيَّنَ له أنَّ في مالِهم شيئًا من بيتِ المالِ، وما هو لهم، ولم يتبيَّنِ القدرَ، فجعَلَ أموالَهم نصفينِ (١)، ولأنه مالٌ مشتركٌ، والشركةُ المطلقةُ تقتضي التسويةَ، ولا تجوزُ القُرْعةُ، ووقفُ الأمرِ إضاعةُ الحقوقِ.

فالقولُ في هذه المسائل بالقسمةِ تارةً، والقرعةِ تارةً، وإنفاقِها في المصالحِ تارةً؛ خيرٌ من حَبْسِها بلا فائدةٍ.

وقال طائفةٌ: تجبُ الزكاةُ في خَمسٍ من البقرِ كالإبلِ، ورَوَوْا فيه أثرًا، فقالوا: هذا آخِرُ الأمرينِ (٢).


(١) رواه ابن معين في تاريخه برواية ابن محرز (٣/ ٤٣)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص ١٧٣)، والعسكري في الأوائل (ص ١٦٨)، في قصة كتابة يزيد بن الصعق لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكوه متاجرة العمال بأموال بيت المال، وفيها: «فأخذ من العمال نصف أموالهم».
(٢) روى عبد الرزاق (٦٨٥٢)، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «في كل خمس من البقر شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي كل عشرين أربع شياه» قال الزهري: «فإذا كانت خمسًا وعشرين ففيها بقرة إلى خمس وسبعين، فإذا زادت على خمسة وسبعين ففيها بقرتان إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على مائة وعشرين ففي كل أربعين بقرة بقرة، إن ذلك كان تخفيفًا لأهل اليمن، ثم كان هذا بعد ذلك لا يروى».
ثم روى عن معمر، عن أيوب قال: كنت أسمع زمانًا من الزمان أنهم كانوا يقولون: خذوا منا ما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت أعجب حين لم يقبلوا منهم ذلك، حتى حدثني الزهري: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابًا فيه هذه الفرائض، فقبض النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يكتب إلى العمال، فأخذ به أبو بكر، وأمضاه بعده على ما كتب لا أعلمه إلا ذكر البقر أيضًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>