أما الدعاءُ بطولِ العمرِ فقد كرِهَه الأئمَّةُ، وكان أحمدُ إذا دعا له أحدٌ بطولِ العمرِ يكرَهُ ذلك، ويقول:(هذا أمرٌ قد فُرِغ منه)، وحديثُ أمِّ حبيبةَ لما طلبتْ الإمتاع بزوجِها، وأبيها، وأخيها، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«سألتِ اللهَ لآجالٍ مضروبةٍ، وآثارٍ مبلوغةٍ، وأرزاقٍ مقسومةٍ»(١)، ففيه أن العمرَ لا يطولُ بهذا السببِ الذي هو الدعاءُ فقط.
وقد تنازَعَ الناسُ في الدعاءِ مطلقًا:
فقالتْ طائفةٌ: لا فائدةَ فيه؛ وهم المتفلسفةُ، والمتصوفةُ، وتبِعَهم طائفةٌ من المؤمنينَ بالشرائع، قالوا: إنه عبادةٌ محضةٌ.
وقال آخَرونَ: بل هو أمارةٌ وعلامةٌ على حصولِ المطلوبِ.
وكلُّ هذا باطلٌ؛ بل الحقُّ: أنه من أعظمِ الأسبابِ التي جعلَها الله سببًا.
والصوابُ: أن اللهَ جعل في الأجسامِ قُوًى التي هي الطبائعُ، فإن مِن أهلِ الإثباتِ مَن أنكَرَها، وقال: إن اللهَ جعَل الآثارَ عندَها لا بها، فيخلُقُ الشِّبعَ عندَ الأكلِ لا به، وهذا خلافُ الكتابِ والسُّنَّةِ، فإنه تعالى قال:{فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من الثمرات}، وفي
(١) رواه مسلم (٢٦٦٣)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.