للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

إذا قُضيتْ الحاجةُ عندَ قبرٍ من القبورِ، من أين يُعرفُ أنه لأجلِ القبرِ؟ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن النذْرَ لا يأتي بخيرٍ، وإنما يُستخرَجُ به من البخيلِ» (١)، وفي لفظٍ: «النذرُ لا يأتي ابنَ آدمَ بشيءٍ، ولكن يُلْقيه القدرُ فيعطى على النذرِ ما لا يُعطى على غيرِه» (٢).

فإذا كان ذلك في النذرِ الذي تُقضَى أكثرُ الحوائجِ عندَه؛ فكيفَ يكونُ غيره؟!

ثمَّ تلك الحاجةُ: إمَّا أن تكونَ قُضِيت بغيرِ دعائِه؛ فلا كلامَ، وإما بدعائِه فيكونُ قد اجتهدَ في الدعاءِ اجتهادًا لو اجتهدَه في غيرِ تلك البقعةِ أو عندَ الصليبِ؛ لقُضِيتْ، فيكونُ السببُ اجتهادَه لا خصوصَ القبرِ، ولهذا قد تُقْضى حوائجُ المشركينَ عندَ أوثانِهم، وصُلْبانِهم، وكنائسِهم، فهل يقولُ مسلمٌ: إنه يجوزُ قصدُ صُلْبانِهم وأوثانِهم لذلك؟

ولو قيلَ: إن للقبرِ تأثيرًا في ذلك؛ سواءٌ كان باتصالِ روحِ الداعي وروحِ الميتِ فيقوى بذلك، كما يزعمُه ابنُ سينا وأبو حامدٍ وأمثالُهما في زيارةِ القبورِ، أو كان بسببٍ آخرَ.


(١) رواه البخاري (٦٦٠٨)، ومسلم (١٦٣٩)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) رواه البخاري (٦٦٠٩)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>