للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن أرادَ: «لا تؤمِّنَّا مكرَكَ»؛ أي: لا تجعَلْنا نأمَنُه، بل اجعَلْنا نخافُه، فالمؤمنُ يخافُ مكرَ اللهِ، فيُعاقِبُه على سيئاتِه، والكافرُ لا يَخْشى اللهَ، فلا يخافُ مكرَه، ومكرُه أن يُعاقِبَه على الذنبِ؛ لكن من حيثُ لا يشعرُ.

وقولُه: «أمِّنَّا مكرَكَ»؛ يريدُ به قولَه: {أولئك لهم الأمن}، ليجعل له الأمن أن يمكرَ بهم، وإن كانوا يخافونَ المكرَ، فيكونُ حقيقةُ قولِه: «أَمِّنَّا مكرَكَ»: اُؤْجُرْني على حسناتي، ولا تُعاقِبْني بذنوبِ غيري، {فلا يخاف ظلما ولا هضما}.

وأمَّا المعنى الفاسدُ: فأن يريدَ: اللهم اجعلنَا نأمن مكرَكَ؛ أي: لا نخافُك أن تمكرَ بنا، وقد يريدُ: لا تُؤمِنَّا مكرَكَ؛ أي: لا تجعلْ لنا أمنًا من العذابِ، فهذا خطأ، إذ معناه: اجعلنا ممن تعاقبه، أو: اجعلنا ممن (١) لا يخاف عذابك، {أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون}.

فَصْلٌ

قولُ عائشةَ: «ما قام رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليلةً إلى الصباحِ، وما صام شهرًا كاملًا إلا رمضانَ» (٢)، وصحَّ عنها: «أنه كان يصومُ شعبانَ إلا


(١) هكذا في (ك)، وفي الأصل: من.
(٢) رواه مسلم (٧٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>