مثلُ كثيرٍ من مسائلِ النِّزاعِ؛ يدَّعي الإجماعَ فيها مَن لم يعرفِ الخلافَ، ومقصودُه: أني لا أعلمُ نزاعًا، فمن علِمَ النِّزاعَ وأثبَتَه؛ كان مثبتًا عالمًا ومقدَّمًا على النافي باتِّفاقٍ، فإذا كان الصحابةُ ثبَتَ عنهم أنهم أفتوا في الحلِفِ بالعتقِ الذي هو أحبُّ إلى اللهِ من الطلاقِ؛ أنه لا يُلزَمُ الحالفُ به؛ بل تُجزِئُه كفارةٌ؛ فكيفَ يكونُ قولُهم في الطلاقِ الذي هو أبغَضُ الحلالِ إلى اللهِ؟!
وقد اتَّفقَ المسلمونَ على أن مَن حلَف بالكفرِ؛ أنه لا يلزمُه الكفرُ، وقال تعالى:{قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}.
فَصْلٌ
والألفاظُ التي يتكلَّمُ بها الناسُ في الطلاقِ ثلاثةُ أنواعٍ:
صيغةُ التنجيزِ والإرسالِ؛ كقولِه: أنتِ طالقٌ، فهذا يقعُ به الطلاقُ، وليس بحلِفٍ، ولا كفارةَ به اتفاقًا.
الثالثُ: صيغةُ تعليقٍ؛ كقولِه: إن فعلتُ كذا فامرأتي طالقٌ، فهذه إن قصَد به اليمينَ - وهو الذي يكرَهُ وقوعَ الطلاقِ، كما يكرَهُ الانتقالَ عن دينِه -؛ فهو يمينٌ، حكمُه حكمُ الأولِ الذي هو بصيغة القسمِ باتفاقِ الفقهاءِ.