للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحمدُ إنما يكونُ بالقلبِ واللسانِ؛ فمن هذا الوجهِ الشكرُ أعَمُّ، فهو أعَمُّ مِن جهةِ أنواعِه، والحمدُ مِن جهةِ أسبابِه، وفي الحديثِ: «الحَمْدُ رأسُ الشُّكرِ» (١).

قال ابنُ حَزْمٍ وغيرُه منَ المتأخِّرِينَ: «لا يجوزُ الدعاءُ إلا بالتسعةِ والتسعينَ اسمًا» (٢)، فلا يُقالُ: يا حنَّانُ، يا مَنَّانُ، يا دليلَ الحائرِينَ.

وجمهورُ المسلمِينَ على خلافِ ذلك، وعليه مضى سلَفُ الأُمَّةِ؛ وهو الصوابُ، وفي الكتابِ والسنةِ ما يزيدُ عليها؛ مثلُ الرَّبِّ، وأكثرُ الدعاءِ المشروعِ به؛ حتى كرِه مالِكٌ أن يقالَ: يا سيِّدي؛ بل: يا ربِّ؛ لأنَّه دعاءُ الأنبياءِ في القرآنِ، وكذلك المَنَّانُ.

وفي السُّنَنِ: أنَّه سمِعَ داعيًا يدعو: «اللهُمَّ إنِّي أسأَلُكَ بأنَّ لكَ الحَمْدَ، أنتَ اللهُ المَنَّانُ، بديعُ السماواتِ والأرضِ، يا ذا الجَلالِ والإكرامِ، يا حَيُّ، يا قَيُّومُ، فقال صلى الله عليه وسلم: «لقد دعا اللهَ باسْمِه الأعظمِ الذي إذا دُعِي به أجابَ، وإذا سُئِلَ به أعطى» (٣).


(١) رواه البيهقي في الآداب (٧١٦)، والبغوي في شرح السنة (١٢٧١)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
وينظر أصل الفتوى من قوله: (والحمد يتضمن … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ١١/ ١٣٣، الفتاوى الكبرى ٢/ ٣٧٨.
(٢) ينظر: المحلى ٦/ ٢٨٢.
(٣) رواه أحمد (١٢٢٠٥)، وأبو داود (١٤٩٥)، والترمذي (٣٥٤٤)، وابن ماجه (٣٨٥٨)، من حديث أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>