للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان كلُّ مَن نطَق بهذه الكلمةِ تُكفَّرُ خطاياه؛ لم يدخلِ النارَ من أهلِ الكبائر المؤمنين أحدٌ، وهذا خلافُ ما تواتَرَتْ به السننُ، وكذا حديثُ البغيِّ، وإلا فليس كلُّ مَن سقَى كلبًا عطشانَ يُغفَرُ له.

كما أنه قد يقترنُ بالسيئةِ من الاستخفافِ والإصرارِ ما يُعظِّمُها، فلهذا وجَب التوقفُ في المُعيَّنِ، فلا يُقطَعُ بجنةٍ ولا نارٍ؛ إلا ببيانٍ من اللهِ؛ لكن يُرجَى للمحسنِ، ويُخافُ على المسيءِ، وأما من شهِد له النصُّ؛ فنقطعُ له، ومن له لسانُ صدقٍ؛ ففيه نزاعٌ (١).

وما يُوجَدُ في كتبِ أبي حامدٍ من كلامِ الفلاسفةِ الباطنيةِ، كما يوجدُ في «المضنونِ به على غيرِ أهلِه» وأمثالِه، قال طائفةٌ من الفضلاءِ: إنه كذِبٌ عليه، وطائفةٌ قالت: بل رجع عن ذلك، فإنه صرَّح بكفرِ الفلاسفةِ في «التهافتِ»، واستَقَرَّ أمرُه على مطالعةِ «البخاري» و «مسلم»، ومات على أحسنِ أحوالِه، فلا يجوزُ أن تُنسَبَ إليه مثلُ هذه الأقوالِ نسبةً مستقرةً.

ومَن قال للآخر: اللهُ أكبرُ عليك، فهو من نحوِ الدعاءِ عليه، فإن لم يكُنْ بحقٍّ، وإلا (٢) كان ظالمًا له؛ يستحقُّ الانتصارَ منه لذلك، إما بمثلِ


(١) قال شيخ الإسلام في منهاج السنة ٣/ ٤٩٧: (والقول بكون الرجل المعين من أهل الجنة قد يكون سببه إخبار المعصوم، وقد يكون سببه تواطؤ شهادات المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض).
وفي الفروع لابن مفلح ٣/ ٣٠٤: (ونرجو للمحسن، ونخاف على المسيء، ولا نشهد إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره الأصحاب، وقال شيخنا: أو اتفقت الأمة على الثناء أو الإساءة عليه، ولعل مراده: الأكثر، وأنه الأكثر ديانة).
(٢) في الأصل: (ولا)، والمثبت من (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>