للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

الذي جاءتْ به السُّنَّةُ هو ما كان على عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وخلفائِه؛ مِن أنه كان بعضُ المؤذِّنِينَ يؤذِّنُ قبلَ الفجرِ، وبعضُهم بعدَ طلوعِ الفجرِ (١)، وأبلغُ ما قاله الفقهاءُ من أصحابِ الشافعيِّ وأحمدَ وغيرهم في تقديمِ الأذانِ: من نصفِ الليلِ، معَ أنَّ أبا حنيفةَ وغيرَه ينهَوْنَ عن الأذانِ قبلَ الفجرِ مطلقًا.

فأمَّا سوى الأذانِ من تسبيحٍ، ونشيدٍ، ورفعِ الصوتِ بدعاءٍ: فليسَ بمسنونٍ عندَ الأئمةِ، ولا أعلمُ أحدًا استحَبَّه، بل ذكره طائفةٌ من أصحابِ مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ من البدعِ المكروهةِ، وما كان مكروهًا؛ لم يكُنْ لأحدٍ أن يأمرَ به، ولا ينكرَ على مَن تَرْكِه، ولا يُعلِّقَ به استحقاقَ رِزقٍ، ولا يلزمُ فعْلُه؛ ولو شرَطَه واقفٌ.

وإذا قيلَ: في بعضِ هذه الصُّوَرِ مصلحةٌ راجحةٌ على مَفْسدتِها؛ فيُقتصَرُ من ذلك على القدرِ الذي تحصُلُ به المصلحةُ دونَ الزيادةِ التي هي ضررٌ بلا مصلحةٍ راجحةٍ.


(١) يشير إلى ما رواه البخاري (٦١٧)، ومسلم (١٠٩٢) عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم».

<<  <  ج: ص:  >  >>