للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقِيَ الكلامُ في تحقيقِ هذا المناطِ في أعيانِ المسائلِ، فإنه قد يكونُ متفقًا عليه، وقد يختلفُ فيه الاجتهادُ، فيُنظَرُ في الشرطِ، إن لم يكُنْ فيه مقصودٌ شرعيٌّ خالصٌ أو راجحٌ؛ كان باطلًا، فإذا شرَط ألا يرتزقَ في وظيفةٍ أخرى؛ نُظِر في ذلك كما تقدَّمَ، والوقفُ هو من بابِ الرزقِ والمعاونةِ على الدِّينِ، بمنزلةِ ما تُرزَقُه المقاتِلةُ والعلماءُ من الفَيْءِ، ليست كالجعالةِ، ولا كالإجارةِ على عملٍ دنيويٍّ (١).

ويجوزُ لوَلِيِّ الأمرِ أن ينصبَ ديوانًا مستوفيًا لحسابِ الأموالِ الموقوفةِ عندَ المصلحةِ، كما ينصبُ لحسابِ الأموالِ السلطانيةِ، وله أن يفرضَ له على عمَلِه ما يستحِقُّه مثلُه من كلِّ ما يعمَلُ فيه بقدرِ ذلك المالِ والعملِ؛ لقولِه: {والعاملين عليها}، وقد استَعملَ صلى الله عليه وسلم رجلاً وحاسَبَه (٢).

ونصبُ المستوفي الجامعِ للعمالِ المتفرقينَ هو بحسَبِ الحاجةِ، فقد يكونُ واجبًا إذا لم تتمَّ مصلحةُ قبضِ المالِ وصَرْفِه إلا به، وكذا نصبُ الحاكمِ قد يجبُ إذا لم تصلِ الحقوقُ إلى مستحِقِّها، أو لم يتمَّ فعلُ الواجبِ وتَرْكُ المُحرَّمِ إلا به، وقد يُستغنَى عنه إذا باشَرَ الحكمَ بنفْسِه، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُباشِرُ الحكمَ واستيفاءَ الحسابِ بنفْسِه في المدينةِ، وفيما بعدُ يولِّي مَن يقومُ بالأمرِ، ولما كثُرتِ الرعيةُ على عهدِ الخلفاءِ؛ استَعملوا القضاةَ، ودوَّنوا الدواوينَ.


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (ولا يجوزُ الوقفُ … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣١/ ١٢، والفتاوى الكبرى ٤/ ٢٣٩.
(٢) تقدم تخريجه ص .... ظظ

<<  <  ج: ص:  >  >>