للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكفِّرةٍ، وإما بغيرِ ذلك، وكلٌّ من السابقينَ والمقتصدينَ؛ أولياءٌ للهِ، فإن أولياءَ اللهِ هم الذينَ قال فيهم: {ألا إن أولياء اللهِ لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذينَ آمنوا وكانوا يتقون}، فحَدُّ أولياءِ اللهِ: هم المؤمنونَ المتقونَ.

وأما الظالمُ لنفْسِه؛ فهو من أهلِ الإيمانِ، فمعَه ولايةٌ بقدرِ إيمانِه وتقواه، كما معَه من ضدِّ ذلك بقدرِ فُجورِه؛ إذِ الشخصُ الواحدُ تجتمعُ فيه الحسناتُ والسيئاتُ؛ حتى يمكنَ أن يثابَ ويُعاقَبَ، وهذا قولُ جميعِ الصحابةِ وأئمةِ الإسلامِ وأهلِ السُّنَّةِ؛ بخلافِ الخوارجِ والمعتزلةِ القائلينَ بأنه لا يخرُجُ من النارِ مَن دخَلها مِن أهلِ القبلةِ، وأنه لا شفاعةَ للرسولِ، ولا لغيرِه في أهلِ الكبائرِ، لا قبلَ دخولِ النارِ ولا بعدَها، فعندَهم: لا تجتمعُ في شخصٍ حسناتٌ وسيئاتٌ.

ودلائلُ هذا الأصلِ مبسوطةٌ في موضعٍ آخَرَ.

وأصلُ الدينِ هو الأمورُ الباطنةُ من العلومِ والأعمالِ، فإن الأعمالَ الظاهرةَ لا تنفعُ بدونِها، كما في الحديثِ: «إن في الجسدِ مُضْغةً، إذا صلَحَتْ صلَحَ الجسدُ كلُّه، وإذا فسدَتْ فسَد الجسدُ كلُّه، ألا وهي القلبُ» (١)، وعن أبي هُرَيرةَ، قال: «القلبُ مَلِكٌ، والأعضاءُ جنودُه، فإذا طاب الملكُ طابَتْ جنودُه، وإذا خبُثَ خبُثَتْ جنودُه» (٢).


(١) رواه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
(٢) رواه معمر بن راشد في جامعه التابع لمصنف عبد الرزاق (٢٠٣٧٥)، والدينوري في المجالسة (٥٧٠)، والبيهقي في شعب الإيمان (١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>