للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الإِقْرَارِ

ومَن اتَّهم غلامَه بسرقةِ شيءٍ؛ فذكَر الغلامُ أنه أودَعَه عندَ فلانٍ -مثلًا-؛ فلا يجوزُ مؤاخذةُ فلانٍ بقولِ الغلامِ باتِّفاقِ المسلمِينَ؛ سواءٌ كان الحاكمُ قاضيَ الحكمِ أو وليَّ الحربِ؛ بل الذي عليه جمهورُ الفقهاءِ في المُتَّهَمِ بسرقةٍ ونحوِها أن يُنظَرَ في المتهَمِ، فإما أن يكونَ معروفًا بالفجورِ، أو مجهولَ الحالِ، فلو كان معروفًا بالبِرِّ والتقوى؛ لم تجزْ مطالبتُه، ولا عقوبتُه، وهل يحلَّفُ؟ على قولَينِ للعُلماءِ، ومنهم مَن قال: يُعزَّرُ مَن رماه بالتهمةِ.

وأما إن كان مجهولَ الحالِ؛ فإنه يُحبَسُ حتى يُكشَفَ أمرُه، قيلَ: يُحبَسُ شهرًا، وقيلَ: بقدرِ اجتهادِ وليِّ الأمرِ؛ لما في السُّنَنِ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه حبَس في تهمةٍ (١)، وكذا نصَّ عليه الفقهاءُ من أصحابِ مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وغيرِهم.

وإن كان قد يكونُ الرجلُ معروفًا بالفجورِ المناسبِ للتهمةِ، فقال طائفةٌ من الفقهاءِ: يضربُه الوالي والقاضي، وقال طائفةٌ: يضربُه الوالي فقط، ذكَر ذلك طوائفُ من أصحابِ مالكٍ والإمامِ أحمدَ والشافعيِّ.

ومن الفقهاءِ مَن قال: لا يُضرَبُ، وقد ثبَتَ في الصحيحِ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم


(١) رواه أحمد (٢٠٠١٩)، وأبو داود (٣٦٣٠)، والترمذي (١٤١٧)، والنسائي (٤٨٧٥) من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده.

<<  <  ج: ص:  >  >>