للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن كان عليه حقٌّ شرعيٌّ، فتبَرَّعَ بملكِه، بحيثُ لا يبقى لأهلِ الحقوقِ ما يستَوْفونَه؛ فهو باطلٌ في أحدِ قولَيِ العلماءِ، وهو مذهَبُ مالكٍ، وإحدى الروايتينِ عن الإمامِ أحمدَ، من جهةِ أنَّ قضاءَ الدينِ واجبٌ ونفقةَ الولدِ، فيحرُمُ عليه أن يدعَ الواجبَ، ويصرفَه فيما لا يجبُ، فيردُّ التمليك، ويصرفُه فيما يجبُ من قضاءِ دينِه ونفقةِ ولدِه (١).

وإذا أقَرَّ لفلانٍ بمالٍ، ولم يكُنْ له قبلَ هذا الإقرارِ شيءٌ؛ لم يصِرْ له عليه شيءٌ بهذا الإقرارِ؛ بل الإقرارُ باطلٌ كذبٌ، ولو جعَلَ له في ذِمَّتِه عطيَّةً؛ لم يكُنْ أمرًا واجبًا، والعدلُ بينَ أولادِه واجبٌ في أصحِّ قولَيِ العلماءِ (٢).

وإذا قال: أعطُوا هذا لأيتامِ فلانٍ، وثَمَّ قرينةٌ تُبيِّنُ مرادَه: هل هو


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (ومَن كان عليه … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣٠/ ٤٣.
(٢) ينظر أصل الفتوى من قوله: (وإذا أقَرَّ لفلانٍ … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣٥/ ٤٢٨.
والمؤلف قد اختصر الفتوى اختصارًا شديدًا، فإن شيخ الإسلام سئل: (عن رجل له ابنتان إحداهما مزوجة والأخرى عزباء، وكان كتب للمتزوجة ثلاث آلاف درهم، والعزباء سبعة آلاف درهم، وقد توفيت المزوجة وخلفت ولدًا ذكرًا وزوجًا، وقد طلب الولد والزوج المكتوب من والدها؛ فهل يرثون ذلك ويجوز لهم مطالبة الولد، والوالد يدعي في ذلك الوقت ما كان له ولدٌ ذكرٌ، وكتب هذا المكتوب خشية أن تدخل يد الغير في موجده والولد يعيش؟ فأجاب: إذا أقر لهذه ولهذه بمال في ذمته ولم يكن لهما قبل ذلك في ذمته مال لم يصر لها عليه بهذا الإقرار شيء … ).

<<  <  ج: ص:  >  >>