للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنتهي الأثقالُ، وكلُّ ما تحركَ من المركزِ إلى السماءِ من أيِّ جانبٍ كان؛ فإنه يصعَدُ من أسفل إلى الأعلى، واللهُ أعلمُ.

والأمرُ بالمعروفِ والنَّهْيُ عن المنكَرِ واجبٌ على الكفايةِ باتِّفاقِ أئمَّةِ المسلمِينَ، وكلٌّ من الأمةِ مخاطبٌ بقدرِ قدرتِه، وهو من أعظمِ العباداتِ، ومن الناسِ مَن يكونُ ذلك لهواه لا للهِ.

وليس لأحدٍ أن يُزيلَ المنكَرَ بما هو أنكَرُ منه؛ مثلُ أن يقومَ آحادُ الناسِ يريدُ أن يقطعَ السارق، ويجلدَ الشاربَ، ويقيمَ الحدودَ؛ لأنه لو فعَل ذلك لأفضى إلى الهرجِ والفسادِ؛ لأن كلَّ واحدٍ يضربُ غيرَه، ويدعي أنه استحقَّ ذلك؛ فهذا مما يقتصر فيه إلى من يطاعُ؛ كالسلطانِ ونُوَّابِه.

وكذلك دقيقُ العلمِ الذي لا يفهَمُه إلا خواصُّ الناسِ، وجِماعُ الأمرِ في ذلك: أن يُنكِرَ بحسَبِ قدرتِه.

وإنما الخلافُ فيما إذا غلَب على ظنِّ الرجلِ أن أمرَه بالمعروفِ ونَهْيَه لا يُطاعُ؛ هل يجبُ عليه حينئذٍ؟ على قولَينِ، أصَحُّهما: أنه يجبُ، وإن لم يُقبَلْ منه، إذا لم تكُنْ مفسدةُ الأمرِ راجحةً على مفسدةِ التركِ، كما بقي نوحٌ ألفَ سنةٍ إلا خمسينَ عامًا يُنذِرُ قومه، ولما قيل: {لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم}؛ أي: نقيمُ عُذْرَنا عند ربِّنا، وليس هداهم علينا؛ بل الهدايةُ إلى اللهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>