ولا يجوزُ أن يُظهِرَ ما عمِله من السيئاتِ سرًّا؛ بل إن أظهَرَه كَثُرَ إثْمُه.
فَصْلٌ
لواءُ الحمدِ الذي بيدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ القيامةِ هو لواءٌ صورةً ومعنًى؛ إشارةً إلى سيادتِه لجميعِ الخلائِقِ، فيكونُون تحتَ لوائِهِ كما يكونُ الأجنادُ تحتَ ألويةِ الملوكِ، وحاملُه المقدَّمُ الذي يكونُ خطيبَ الأنبياءِ إذا وفدوا، وإمامُهم إذا اجتمعوا، وهو الذي يُقدَّمُ للشفاعةِ، فيحمَدُ ربَّه بمحامدَ لا يحمَدُه بها أحدٌ غيرُه، وهو محمدٌ وأحمدُ، وأمَّتُه الحَامدونَ الذينَ يَحمدونَ اللهَ على السراءِ والضراءِ، وهو أولُ مَن يُدعَى إلى الجنةِ، فلا تُفتَحُ لأحدٍ قبلَ صاحبِ لواءِ الحمدِ.
وقولُه سُبْحانَه:{فوجدها تغرب في عين حمئة}؛ العينُ في الأرضِ، ومعنى {تغرب في عين}؛ أي: في رأيِ الناظرِ باتِّفاقِ المفسرينَ، وليس المرادُ: أنَّها تسقُطُ من الفلكِ، فتغربُ في تلك العينِ؛ فإنها لا تنزِلُ من السماءِ إلى الأرضِ، ولا تُفارِقُ فلَكَها، والفَلَكُ فوقَ الأرضِ من جميعِ أقطارِها، لا يكونُ تحتَ الأرضِ؛ لكن إذا تخيلَ المتخيِّلُ أن الفَلَكَ محيطٌ بالأرضِ وهَمَ أن ما يلي رأسَه هو أعلاه، وما يلي رجلَيْه أسفَلُه وليس الأمرُ كذلك؛ بل جانبُ الفَلَكِ من هذا الجانبِ كجانبِه من المشرقِ والمغربِ، والسماءُ فوقَ الأرضِ بالليلِ والنهارِ، والسُّفْلُ - هو أضيقُ مكانٍ في الأرضِ - المركزُ الذي إليه