للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمع المُصحَفَ أبو بكرٍ، وكما قاتلَ عليٌّ الخوارجَ، وكما شرطوا على أهلِ الذمةِ الشروطَ، وغيرِ ذلك من الأمورِ التي فعَلوها عملًا بكتابِ اللهِ وسنةِ رسولِه، وإن لم يتقدَّمْ نظيرُها، وكضربِ عمرَ على الركعتينِ بعدَ العصرِ (١)، وعلى الإفطار في رجبٍ (٢)، وكسَرَ [أبو بكرة] (٣) كيزانَ أهلِه، وقال: «لا تُشبِّهوه برمضانَ» (٤).

فهذه العقوبةُ البدنيةُ والماليةُ لمن كان يعتقدُ أن صومَ رجبٍ مشروعٌ مستحَبٌّ، وأنه أفضلُ من صومِ غيرِه من الأشهرِ، وهذا الاعتقادُ خطأٌ وضلالٌ، ومَن صامَه على هذا الاعتقادِ الفاسدِ كان عاصيًا، فيُعزَّرُ على ذلك، ولهذا كرِهَه مَن كرِهَه أن يفرد، وقال: يُستحَبُّ أن يفطرَ بعضَه، ومنهم مَن رخَّصَ فيه إذا صام شهرًا آخَرَ كالمحرَّمِ.

ورجَبٌ أحدُ الأشهرِ الحُرُمِ، وله فضلٌ على غيرِه من الأشهرِ التي ليسَتْ بحُرُمٍ، وكلما كان المكانُ والزمانُ أفضلَ كانت الطاعات فيه أفضلَ، والمعاصي فيه أشدَّ، وليسَ هو أفضلَ الشهورِ عندَ اللهِ؛ بل شهرُ رمضانَ أفضلُ منه، كما أن يومَ الجمعةِ أفضلُ الأسبوعِ.


(١) رواه مسلم (٨٣٦)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٢) رواه ابن أبي شيبة (٩٧٥٨)، من طريق خرشة بن الحر رحمه الله.
(٣) في الأصل والنسخ الخطية: (أبو بكر)، والمثبت موافق لما في المغني ٣/ ١٧٢، ولما في شرح العمدة لشيخ الإسلام ٣/ ٤٥٦.
(٤) عزاه ابن قدامة في المغني ٣/ ١٧٢، وشيخ الإسلام في شرح العمدة ٣/ ٤٥٨ لأحمد، ولم نجده.

<<  <  ج: ص:  >  >>