للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الفَرَائِضِ

ينبغي للميتِ أن يُوصِيَ لأقاربِه الذينَ لا يرِثونَه، فإن لم يُوصِ؛ فينبغي إذا حضَروا القِسْمةَ أن يُعطَوا شيئًا؛ للآيةِ (١).

امرأةٌ ماتَتْ، وخلَّفتْ زوجًا، وبنتًا، وأمًّا، وأختًا من أمٍّ؟

قال: يُقسَمُ على أحدَ عشَرَ سهمًا، للبنتِ ستةٌ، وللزوجِ ثلاثةٌ، وللأمِّ سهمانِ، ولا شيءَ للأختِ؛ فإنها تسقُطُ بالبنتِ اتفاقًا.

وهذا على قولِ مَن يقولُ بالردِّ؛ كأحمدَ وأبي حنيفةَ.

ومَن لا يقولُ بالردِّ؛ كمالكٍ والشافعيِّ؛ تُقسَمُ عندَه اثني عشَرَ سهمًا، كما قُلْنا، والباقي لبيتِ المالِ (٢).

وظاهرُ هذا: أنه ردَّ على الزوجِ؛ وفيه نظَرٌ (٣).


(١) وهي قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا}.
وينظر أصل الفتوى من قوله: (ينبغي للميتِ … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣١/ ٣٦٣، والفتاوى الكبرى ٤/ ٣٣٩.
(٢) ينظر أصل الفتوى من قوله: (امرأةٌ ماتَتْ … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣١/ ٣٣٨، والفتاوى الكبرى ٤/ ٣٩٥.
(٣) هذا من تعليق البعلي رحمه الله على فتوى شيخ الإسلام، ووافقه الشيخ ابن عثيمين في ذلك، قال في تسهيل الفرائض ص ٨٨ معلقاً على هذه الفتوى: (فإنَّ ظاهر هذه القسمة أنه يرد على الزوج، وفي ذلك نظر من وجوه ثلاثة:
الأول: أن الشيخ صرح بأنها مبنية على قول من يقول بالرد، وقد علم أن القائلين بالرد لا يرون الرد على الزوجين، فقسمة المسألة المذكورة عندهم من ستة عشر، للزوج أربعة، وللبنت تسعة، وللأم ثلاثة.
الثاني: أن الأصحاب لم ينقلوا عن الشيخ أنه يرى الرد على الزوجين مع اعتنائهم بآرائه واعتبارهم لها، بل إن صاحب مختصر الفتاوى قال عن المسألة المذكورة: (إن فيها نظراً).
الثالث: أن الشيخ نفسه ذكر في موضع آخر مسألتين رد فيهما أحد الزوجين ولم يرد عليهما ففي صفحة (٥٠) من المجموعة رقم ١ من الفتاوى: في رجل مات وترك زوجة وأختاً لأبوين، وثلاث بنات أخ لأبويه، قال الشيخ: للزوجة الربع، وللأخت النصف، ولا شيء لبنات الأخ، والربع الثاني إن كان هناك عصبة فهو للعصبة، وإلا فهو مردود على الأخت على أحد قولي العلماء، وعلى الآخر فهو لبيت المال.
وقال في صفحة (٥٢) من المجموعة المذكورة؛ في امرأة خلفت زوجاً وابن أخت: أن للزوج النصف، وأما ابن الأخت: ففي أحد الأقوال له الباقي، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وأحمد في المشهور عنه، وفي القول الثاني لبيت المال، وهو قول كثير من أصحاب الشافعي، قال: وأصل المسألة تنازع العلماء في ذوي الأرحام الذين لا فرض لهم ولا تعصيب، فمذهب مالك والشافعي وأحمد في رواية: أن من لا وارث له بفرض ولا تعصيب يكون ماله لبيت مال المسلمين، ومذهب أكثر السلف وأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه يكون لذوي الأرحام، ثم ذكر دليل ذلك. فأنت ترى أن الشيخ لم يرد على الزوجين في هاتين المسألتين، ولو كان يراه لرد عليهما؛ لاستحقاقهما الرد في مثل هذه الحال لو كانا من أهله، والظاهر أن المسألة الأولى التي ظاهرها الرد على الزوج سهو أو سَبْقَةُ قلم. والله أعلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>