للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

لما نهى عمرُ عن الاعتمارِ في أشهرِ الحجِّ (١)؛ قصَد أمْرَهم بالأفضلِ؛ لأنهم تركوا الاعتمارَ في سفرةٍ مفردةٍ في غيرِ أشهرِ الحجِّ، وصاروا في عهدِ أبي بكرٍ وعمرَ يقتصرونَ على العمرةِ في أشهرِ الحجِّ، ويتركونَ سائرَ الأشهرِ، فصار البيتُ يُعرَى عن العمارةِ من أهلِ الأمصارِ في سائرِ الحولِ، فكان عمرُ من شفَقَتِه على رعيَّتِه اختارَ (٢) الأفضلَ؛ لإعراضِهم عنه؛ كالأبِ الشفيقِ يأمُرُ ولدَه بما هو الأصلحُ له، وهذا كان موضعَ اجتهادٍ لرعيَّتِه، فألزَمَهم بذلك.

وخالَفَه عليٌّ (٣) وعِمْرانُ بنُ حُصَيْنٍ (٤) وغيرُهما من الصحابةِ، ولم يَرَوْا أن يُلزَم الناسُ؛ بل يُترَكونَ، من أحبَّ شيئًا عمِلَه قبلَ أشهرِ الحجِّ وفيها، وإن كان الأولُ أكمل.

وقوِيَ النِّزاعُ في ذلك في خلافةِ عثمانَ رضي الله عنه؛ حتى ثبَتَ أنه كان يَنْهى عن المتعةِ، فلما رآه عليٌّ؛ أهَلَّ بهما، وقال: «لم أكنْ أدعَ سنةَ رسولِ اللهِ لقولِ أحدٍ» (٥).


(١) رواه مسلم (١٢١٧)، من حديث جابر رضي الله عنه.
(٢) في الأصل: (اختيار)، والمثبت من (ك) و (ع) و (ز).
(٣) رواه مسلم (١٢٢٣).
(٤) رواه مسلم (١٢٢٦).
(٥) رواه مسلم (١٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>