للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

في الأحاديثِ التي سُئِلَ عنها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الساعةِ، فقال: «إن يعِشْ هذا الغلامُ فلن يدركَه الهَرَمُ حتى تقومَ الساعةُ» (١)؛ المراد بذلك: ساعةُ ذلك القَرْنِ؛ وهو موتهم، فإنَّ في «الصحيحَينِ» عن عائشةَ قالت: كان الأعرابُ إذا قدِموا على رسولِ اللهِ سألوه عن الساعة: متى الساعةُ؟ فنظَرَ إلى أحدثِ إنسانٍ منهم، فقال: «إن يعِشْ هذا الغلامُ لم يدرِكْه الهَرَمُ حتى تقومَ عليكم ساعَتُكم»، قال هشامٌ: يعني: موتَهم. فهذا يُبيِّنُ تلك الأحاديثَ.

وقد يُرادُ بالقيامةِ: الموتُ، وأنَّه مَن مات فقد قامتْ قِيامتُه؛ كما قال المغيرةُ بنُ شُعْبةَ: «أيُّها الناسُ، إنكم تقولونَ: القيامةَ القيامةَ، وإنه مَن مات فقد قامتْ قِيامتُه» (٢).

وليس واحدٌ من هذينِ النوعينِ منافيًا لما أخبَرَ اللهُ به من القيامةِ الكبرى التي يقومُ فيه الناسُ من قُبُورِهم لربِّ العالمينَ حفاةً عُراةً بعدَ أن تُعادَ الأرواحُ إلى الأجسادِ، وإنما يُنكِرُ هذا أهلُ الزَّنْدَقةِ من الفلاسفةِ ونحوِهم، ويتأوَّلونَ ما في القرآنِ من ذلك ومِن ذِكْرِ القيامةِ على أن المرادَ


(١) رواه البخاري (٦٥١١)، ومسلم (٢٩٥٢)، من حديث عائشة رضي الله عنها، ورواه مسلم (٢٩٥٣)، من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) رواه الدولابي في الكنى والأسماء (١٦٢٧)، وعزاه السخاوي في المقاصد الحسنة (ص ٦٧١) للطبراني، ولم نقف عليه في كتبه المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>