للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما التوبةُ المطْلقةُ؛ وهي أن يتوبَ توبةً مجملةً، ولا يلتزمَ التوبةَ من كل ذنبٍ؛ فهذه لا توجبُ دخولَ كلِّ فردٍ فردٍ ولا تمنعُ دخولَه، كاللفظِ المطلقِ، لكن هذه تصلحُ أن تكونَ سببًا لغفرانِ المعين، كما تصلحُ أن تكونَ سببًا لغفرانِه (١)؛ بخلافِ العامةِ؛ فإنها مقتضيةٌ للغفرانِ العامِّ.

فَصْلٌ

إذا تحقَّقَ توحيدُ الربوبيةِ وتوحيدُ الإلهية بانقطاعِ الرجاءِ مِن الخلقِ -وتوحيدُ الربوبيةِ أنه لا خالقَ إلا اللهُ؛ فلا يستقلُّ شيءٌ سواه بإحداثِ أمرٍ من الأمورِ، بل ما شاء كان، وما لم يشأْ لم يكُنْ-، فإذا تحقَّق ذلك؛ كان سببًا بأن ينالَ مطلوبَه ويأتيَه الفرجُ.

وأما من تعلَّق قلبُه بمخلوقٍ؛ فالمخلوقُ عاجزٌ إن لم يجعلْه اللهُ فاعلًا لذلك، وهذا من الشركِ الذي لا يغفرُه اللهُ؛ أن يرجوَ العبدُ مخلوقًا لقضاءِ حاجتِه، فمن أنعم اللهُ عليه من المؤمنين يمنعه حصولَ مطلوبِه بذلك الشركِ حتى يَصرِفَ قلبَه إلى التوحيدِ، ويُنزِلُ بعبدِه المؤمنِ من الشدةِ والضُّرِّ ما يُلْجِئُه إلى توحيدِه، فيدعوه مخلصًا له الدينَ، ولا يرجو أحدًا سواه، ويتعلقُ قلبُه به وحده، فيحصلُ له من التوكلِ والإنابةِ وحلاوةِ الإيمانِ وذَوْقِ طَعْمِه والبراءةِ من الشركِ؛ ما هو أعظمُ نعمةً من


(١) أي: غفران الجميع، وعبارة مجموع الفتاوى ١٠/ ٣٢٨: (لغفران الجميع).

<<  <  ج: ص:  >  >>