للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ (١)

في قوله: «دعوةُ أخي ذي النُّونِ: لا إلهَ إلا أنتَ سبحانكَ، إني كنتُ من الظالمينَ؛ ما دعا بها مكروبٌ إلا فرَّجَ اللهُ كربه» (٢).

اعلَمْ أن لفظَ: «الدعاءِ» و «الدعوةِ» في القرآن يتناول معنيين؛ دعاءِ العبادةِ ودعاءِ المسألةِ، وكلُّ عابدٍ سائلٌ، وكلُّ سائلٍ عابدٌ، وأحدُ الاسمين يتناولُ الآخرَ عند تجرُّدِه عنه، وإذا جُمع بينَهما فإنه يُرادُ بالسائلِ: الذي يطلبُ بجلبِ المنفعةِ ودفعِ المضرَّةِ بصيغِ السؤالِ والطلبِ، ويرادُ بالعابدِ: مَن يطلبُ ذلك بامتثالِ الأمرِ، وإن لم يكُنْ هناك صيغةُ سؤالٍ.

ولا يتصوَّرُ أن يخلوَ داعٍ للهِ - دعاءَ عبادةٍ أو دعاءَ مسألةٍ - من الرغَبِ والرَّهَبِ والخوفِ والطَّمعِ، وما يُذكَرُ عن بعضِ الشيوخِ أنه جعل الخوفَ والرجاءَ من مقاماتِ العامَّةِ؛ فهذا قد يفسَّرُ مرادُه: بأن المقرَّبين يريدون وجهَ اللهِ، فيقصِدون التلذُّذَ بالنظرِ إليه، وإن لم يكُنْ هناك مخلوقٌ يُتلذَّذُ به، وهؤلاء يرجون حصولَ هذا المطلوبِ، ويخافون حرمانَه أيضًا، فلم يخلوا عن الخوفِ والرجاءِ.

ومَن قال مِن هؤلاءِ: لم أعبُدْك خوفًا من نارِك، ولا شوقًا إلى


(١) تنظر أصل الفتوى في هذا الفصل والفصلين بعده في: مجموع الفتاوى ١٠/ ٢٣٧، الفتاوى الكبرى ٥/ ٢١٨.
(٢) رواه أحمد (١٤٦٢)، والترمذي (٣٥٠٥) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>