للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والناسُ في المعادِ على أربعةِ أقوال:

فالذي عليه الرُّسُلُ وأتباعُهم الذينَ لا بدعةَ فيهم: الإقرارُ بمعادِ الأبدانِ والأرواحِ.

وبإزاء هؤلاءِ؛ الدهريَّةُ ونحوُهم؛ كذَّبوا بالمعادِ مطلقًا.

وبينَ هذينِ طائفتانِ:

طائفةٌ من أهلِ الكلامِ، أقَرُّوا بمعادِ الأبدانِ والقيامةِ الكبرى، وأنكروا أمْرَ الرُّوحِ، فلم يُقِرُّوا بأنه بعدَ الموتِ يكونُ في نعيمٍ أو عذابٍ.

ومنهم مَن أقرَّ به على البدنِ فقط دونَ الرُّوحِ، وزعَم أن الرُّوحَ هي الحياةُ التي للبدنِ، ومنهم مَن أقرَّ به على الروح فقط.

وطائفةٌ من أهل الفلسفةِ أقَرُّوا بمعادِ الأنفسِ فقط دونَ الأبدانِ، وكفروا بما جاءَتْ به الرُّسُلُ.

وقد دخل معَ أولئكَ من متكلِّمة الإثباتِ؛ كالقاضي أبي بكرِ بنِ الطيِّبِ وأمثالِه، ممن يزعمُ أن الرُّوحَ ليست جوهرًا قائماً بنفسه، لكنَّها عرَضٌ من أعراضِ البدنِ.

ومنهم مَن يجعل الرُّوحَ جزءًا من أجزاءِ البدنِ، وهو الريحُ الذي يدخُلُ البدنَ ويخرُجُ منه، والبخارُ الذي يخرج من القلبِ.

وهذه الأقوالُ باطلة فاسدةٌ.

والذي عليه السَّلَفُ أن الرُّوحَ التي تُقبَضُ بالموتِ ليست هي البدنَ، ولا جزءٌ منه، ولا صفةٌ من صفاتِه؛ بل هي جوهرٌ قائمٌ بنفْسِه، ودلائلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>