للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومزارعةُ الإقطاعِ جائزةٌ؛ كالملكِ في أصحِّ قولَيِ العلماءِ، ولا يجوزُ أن يشترطَ على العاملِ شيئًا معينًا كدجاجٍ ونحوِه، وتجوزُ الشهادةُ عليها، ولو كان الشاهدُ ممن لا يجيزُها؛ لأنه عقدٌ مختلَفٌ فيه، والشاهدُ يشهَدُ بما جرى، والمحققونَ من أصحابِ أبي حنيفةَ والشافعيِّ على تجويزها، كما هو مذهَبُ فقهاءِ الحديثِ (١).

وإذا ألزموا الفلاحَ بعُشْرِ ما على الجنديِّ المزارعِ، فيؤدِّيه من مالِ الجنديِّ؛ فإنه حقٌّ ثابتٌ بيِّنٌ لا نزاعَ فيه، ليس حقًّا خفيًّا، ولا يمكنُ الجنديَّ جَحْدُه، فهو بمنزلةِ حقِّ هندٍ على أبي سفيانَ، فإن حقَّ النفقةِ للزوجةِ ظاهرٌ، لا يمكنُ جَحْدُه، فقال: «خذي ما يَكفيكِ وولدَكِ بالمعروفِ» (٢)، بخلافِ الخَفِيِّ الذي قال فيه: «أدِّ الأمانةَ إلى مَن ائْتمَنَكَ، ولا تَخُنْ مَن خانَكَ» (٣)، لما قال له: إنَّ لنا جِيرانًا لا يدَعونَ لنا شاذَّةً ولا فاذَّةً إلا أخَذوها، فإذا قدَرْنا لهم على شيءٍ أنأخُذُه؟ فقال: «أدِّ الأمانةَ إلى مَن ائْتمَنَكَ»؛ لأن الحقَّ هنا خَفِيٌّ، فإذا أخَذ شيئًا من غيرِ استحقاقٍ ظاهرٍ؛ كان خيانةً (٤).


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (ومزارعةُ الإقطاعِ … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣٠/ ١٤٠.
(٢) رواه البخاري (٥٣٦٤)، ومسلم (١٧١٤) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) رواه أحمد (١٥٤٢٤)، وأبو داود (٣٥٣٤) والترمذي (١٢٦٤).
(٤) ينظر أصل الفتوى من قوله: (وإذا ألزموا الفلاحَ … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣٠/ ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>