للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يحصُلُ لكلِّ واحدٍ جميعُ القراءةِ؛ بل هذا يُتِمُّ ما قرأه هذا، وهذا يُتِمُّ ما قرأه هذا.

وليس في القراءةِ بعدَ المغربِ فضيلةٌ مستحبةٌ تُقدَّمُ بها على القراءةِ في جوفِ الليلِ، أو بعدَ الفجرِ، ونحوِ ذلك من الأوقاتِ، فلا قربةَ في تخصيصِ مثلِ ذلك بالوقفِ.

ولو نذَرَ صلاةً أو صيامًا أو قراءةً أو اعتكافًا في مكانٍ بعينِه؛ فإن كان للتعيينِ مَزِيةٌ في الشرعِ؛ كالصَّلاةِ في المساجدِ الثلاثةِ؛ لزمَ الوفاءُ به، وإلا لم يتعيَّنْ بالنَّذْرِ الذي أمَر اللهُ بالوفاءِ به، فإذا كان النَّذْرُ الذي أمَر اللهُ بالوفاءِ به لا يجبُ أن يُوفَّى منه إلا بما كان طاعةً باتِّفاقِ الأئمَّةِ؛ فلا يجبُ أن يُوفَّى منه بمباحٍ، كما لا يجوزُ أن يُوفَّى منه بمحرمٍ باتِّفاقِ العلماءِ في الصورتينِ، وإنما تَنازَعوا في لزومِ الكفارةِ؛ فكيفَ بغيرِ النَّذْرِ من العقودِ التي ليس في لزومِها من الأدلةِ الشرعيةِ ما في النَّذْرِ.

وأما اشتراطُ إهداءِ ثوابِ التلاوةِ؛ فهذا ينبني على إهداءِ ثوابِ العباداتِ البدنيةِ كالصَّلاةِ؛ وفيه نزاعٌ:

فمن كان مذهبُه أنه لا يجوزُ إهداءُ ثوابِها؛ كأكثرِ أصحابِ مالكٍ والشافعيِّ: كان هذا الشرطُ عندَهم باطلًا، كما لو شرَطَ أن يحملَ عن الواقفِ ذنوبَه؛ فإنه (لا تَزِرُ وازِرةٌ وِزْرَ أخرى).

ومَن كان مذهبُه أنه يجوزُ إهداءُ ثوابِها للميتِ؛ كأحمدَ وأصحابِ أبي حنيفةَ وطائفةٍ من أصحابِ مالكٍ والشافعيِّ: فهذا يعتبرُ أمرًا آخَرَ، وهو أن هذا إنما يكونُ من العباداتِ، والعباداتُ ما قُصِد بها وجهُ اللهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>