للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القرآنِ كثيرٌ، فهو سُبْحانَه وإن كان جعَل في الأجسامِ قُوًى مهيئةً؛ فذلك من جملةِ الأسبابِ التي خلَقَها، والسببُ لا يستقلُّ بالحكمِ ولا يُوجِبُه؛ بل يتخلَّفُ الحكمُ عنه لمانعٍ؛ فإذا كان متوقفًا على وجودِ أسبابٍ أُخَرَ وانتفاءِ موانعَ؛ فليسَ في الوجودِ ما يستقلُّ بالتأثيرِ إلا اللهُ وحده الذي هو خالقُ كلِّ شيءٍ، وما شاء كانَ، وما لم يشَأْ لم يكُنْ، فقال تعالى: {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون}، فتعلمونَ أن خالقَ الأزواجِ واحدٌ.

وقد بسَطْنا الكلامَ في فساد ما قالَه المتفلسفونَ في أن الواحدَ لا يصدُرُ عنه إلا واحد، وما ذكَروه من الترتيبِ الذي وضَعوه لخيالاتِهم الفاسدةِ.

فَصْلٌ (١)

لا نعلمُ في القيامِ للمصحفِ شيئًا مأثورًا عن السَّلَفِ.

وقد سُئِلَ أحمدُ عن تَقْبيلِه؟ فقال: (ما سمعتُ فيه شيئًا، ولكن رُوِي عن عكرمةَ بنِ أبي جهلٍ أنه كان يفتحُ المُصحَفَ، ويضعُ وجهَه عليه، ويقولُ: كلامُ ربي! كلامُ ربي!) (٢).

والسَّلَفُ وإن لم يكُنْ من عادتِهم القيامُ له؛ فلم يكن من عادتهم


(١) ينظر أصل الفتوى في هذا الفصل: في الفتاوى الكبرى ١/ ٤٩.
(٢) أثر عكرمة أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة (١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>