للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيام بعضِهم لبعضٍ إلا لمثلِ القادمِ من غَيْبةٍ ونحوِ ذلك، ولم يكُنْ أحدٌ أحبَّ إليهم من رسولِ اللهِ، ولم يكن يقومونَ له لما يرونَ في وجهِه من كراهة ذلكَ (١)، والأفضلُ للناسِ اتباعُ السَّلَفِ في كلِّ شيءٍ.

فأما إذا اعتادوا القيامَ لبعضِهم البعض؛ فقد يقالُ: ترك القيام للمصحفِ معَ هذه العادة لم يكونوا مُحسِنينَ؛ بل هم إلى الذمِّ أقربُ؛ حيثُ يجبُ من احترامِه وتعظيمِه ما لا يجبُ لغيرِه، وفي ذلك تعظيمُ حُرُماتِ اللهِ وشَعائرِه، وقد ذكَر بعضُ الفقهاءِ الكبارِ قيامَ الناسِ للمصحفِ ذكرُ مقرِّرٍ له غير مُنكِرٍ.

وأما جعلُه عندَ القبرِ، وإيقادُ القناديلِ هناك؛ فهو مَنْهيٌّ عنه، ولو جُعِل للقراءةِ هنالك، فكيفَ إذا لم يُقرَأْ فيه؟ وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لعَن اللهُ زوَّاراتِ القبورِ، والمُتَّخذِينَ عليها السُّرُجَ والمساجدَ» (٢)، وترتيبُ الذمِّ على المجموعِ يقتضي أن كلَّ واحدٍ له تأثيرٌ في الذمِّ، والحرامُ لا يتولَّدُ بانضمامِ المباحِ إليه.

والناسُ قد تَنازَعوا في القراءةِ عندَ القبرِ.

وجعلُ المُصحَفِ عندَ القبرِ ليُقرَأَ فيه؛ بدعةٌ مُنكَرةٌ لم يفعَلْها


(١) رواه أحمد (١٢٣٤٥)، والترمذي (٢٧٥٤)، من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) رواه أحمد (٢٠٣٠)، وأبو داود (٣٢٣٦)، والترمذي (٣٢٠)، والنسائي (٢٠٤٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، بلفظ: «زائرات القبور»، مكان: «زوارات القبور».
ورواه ابن ماجه (١٥٧٥)، بلفظ: «زوارات القبور» دون ذكر آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>