للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُهم: نصوصُ الواقفِ كنصوصِ الشَّارعِ؛ أي: في الفهمِ والدلالةِ، فيُفهَمُ مقصودُه مِن وجوهٍ متعدِّدةٍ كما يُفهَمُ مقصودُ الشارعِ (١).

والأصلُ: أنَّ كلَّ ما شُرِط من العملِ من الوقوفِ التي تُوقَفُ على الأعمالِ؛ فلا بدَّ أن يكونَ قربةً؛ إما واجبًا وإما مستحبًّا، أما اشتراطُ عملٍ محرمٍ فلا يصِحُّ باتِّفاقِ المسلمِينَ؛ بل كذلك المكروهُ، وكذلك المباحُ على الصحيحِ.

وقد اتَّفقَ المسلمونَ على أن شروطَ الواقفِ تنقسِمُ إلى صحيحٍ وإلى فاسدٍ، كما في سائرِ العقودِ، ومَن قال: إن شروطَ الواقفِ كنصوصِ الشارعِ، فمُرادُه: أنها كالنصوصِ في الدلالةِ على مرادِ الواقفِ، لا في وجوبِ العملِ بها؛ أي: أن مرادَ الواقفِ يُستفادُ من ألفاظِهِ المشروطةِ، كما يُستفادُ مرادُ الشارعِ من ألفاظِه، فكما نعرفُ الخصوصَ والعمومَ والإطلاقَ والتقييدَ والتشريكَ من ألفاظِ الشارعِ، كذلك يُعرَفُ في الوقفِ من ألفاظِ الواقفِ.

مع أن التحقيقَ في هذا: أن لفظَ الواقفِ ولفظَ الحالفِ والموصي، وكلِّ عاقدٍ؛ يُحمَلُ على عادتِه في خطابِه ولغتِه التي يَتكلمُ بها؛ سواءٌ وافقَتِ العربيةَ العرباءَ، أو العربيةَ المولدةَ، أو العربيةَ الملحونةَ، أو كانت غيرَ عربيةٍ، وسواءٌ وافقَتْ لغةَ الشارعِ أو لم توافِقْه، فإن المقصودَ


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (وقولهم: نصوص … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣١/ ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>