للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان هو المطلوبَ قلَّد (١) من يرى نفيها؛ فهذا لا يجوزُ بلا نزاعٍ فيما أعلَمُه، وكذلك لا يجوزُ تتبُّعُ الرُّخَصِ مطلقًا.

والعملُ بالخطِّ مذهبٌ قويٌّ، بل هو قولُ جمهورِ السَّلَفِ، وإذا رأى الرجلُ بخطِّ أبيه حقًّا له، وهو يعلمُ صِدْقَه؛ جاز له أن يَدَّعِيَه ويحلفَ عليه.

واتفقوا على أنه يجوزُ أن يشهدَ على الرجلِ إذا عرَف صورتَه، معَ إمكانِ الاشتباه، وتَنازَعوا في الشهادةِ على الصوتِ من غيرِ رؤيةِ المشهودِ عليه، فجوَّزَها الجمهورُ؛ كمالكٍ وأحمدَ، وجوَّزَها الشافعيُّ في صورةِ الضبطةِ (٢)، والشهادةُ على الخطِّ دونَ ذلك؛ لكنَّه قويٌّ.

وما يجرح به الشاهدُ وغيرُه مما يقدحُ في عَدالتِه ودينِه؛ فإنه يَشهَدُ به إذا علِمَه الشاهدُ بالاستفاضةِ، ويكونُ ذلك قدحًا شرعيًّا، صرَّحوا بأنه يُجرَحُ بما سَمِعَه منه، أو رآه، أو استفاضَ عنه، وما أعلمُ في هذا نزاعًا بينَ الناسِ، فإن المسلمِينَ يشهدونَ في وقتِنا هذا في مثلِ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ والحسنِ البصريِّ وأمثالِهما بالعدالةِ والدِّينِ، ولا يعلمونَ ذلك إلا بالاستفاضةِ، ويشهدونَ في مثلِ الحَجَّاجِ بنِ يوسفَ، والمختارِ بنِ أبي عُبَيدٍ، وعمرِو بنِ عبيدٍ، وغَيْلانَ القدريِّ، أنهم من


(١) قوله: (قلَّد) سقطت من الأصل.
(٢) قال الرُّوياني في بحر المذهب للروياني ١٤/ ١٣٨: (وهو أن يجيء إلى أعمى، فيضع فاه على أذنه، ويضع الأعمى يده على رأسه، حتى يعلم أنه المقِر، ثم يحمله إلى الحاكم مضبوطًا ويقول: أقر عندي هذا بكذا).

<<  <  ج: ص:  >  >>