للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولِه؛ فكيفَ بمن ادَّعَى العصمةَ في ذريةِ عبدِ اللهِ بنِ ميمونٍ القَدَّاحِ، معَ شهرتِه بالنفاقِ والكذبِ والضلالِ والمباطنةِ لأهلِ الكفرِ والبغيِ والعدوانِ، ومعَ العداوةِ لأهلِ البرِّ والتقوى.

وهؤلاءِ القومُ يشهدُ عليهم علماءُ الأمةِ وأئمتُها أنهم كانوا منافقينَ زنادقةً، يُظهِرونَ الإسلامَ، ويُبطِنونَ الكفرَ، وجمهورُ الأمةِ تطعنُ في نسَبِهم، وتَذكرُ أنهم من أولادِ اليهودِ أو المجوسِ، وهم يدَّعونَ علمَ الباطنِ الذي مضمونُه الكفرُ باللهِ وملائكتِه وكتبِه ورُسُلِه واليومِ الآخِرِ، وعندَهم لا جنةَ ولا نارَ، ولا بعثَ ولا نُشورَ، وهم في إثباتِ واجبِ الوجودِ على قولَينِ؛ أئمَّتُهم تُنكِرُه، ويستهينونَ باسمِ اللهِ ورسولِه؛ حتى يكتبَ أحدُهم اسمَ «الله» في أسفلِ نَعْلِه (١).

ومَن ادَّعى: أنه لا فرقَ بينَ البُغاةِ والخوارجِ في الأحكامِ الجاريةِ عليهما؛ فهو قولُ مجازفٍ، فإن التسويةَ بينهما هو قولُ طائفةٍ من أصحابِ أبي حنيفةَ والشافعيِّ وأحمدَ وغيرِهم.

وأما جمهورُ أهلِ العلمِ فيُفرِّقونَ بينَ الخوارجِ المارقينَ، وبينَ أهلِ الجملِ وصِفِّينَ، وهذا هو المعروفُ عن الصحابةِ، وعليه عامةُ أهلِ الحديثِ والفقهِ، وعليه نصوصُ أكثرِ الأئمَّةِ وأتباعِهم من أصحابِ مالكٍ وأحمدَ والشافعيِّ وغيرِهم، وذلك أنه ثبَتَ في الصحيحِ أنه قال: «تَمْرُقُ


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (ومَن ادَّعى العصمةَ … ) في مجموع الفتاوى ٣٥/ ١٢٠، الفتاوى الكبرى ٣/ ٤٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>