للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاربِ في الثالثةِ، أو الرابعةِ، وأكثرُ العلماءِ لا يوجبونَ القتلَ، بل يجعلونه منسوخًا، وهو المشهورُ من مذهَبِ الأئمَّةِ، أو يقولونَ: إذا لم ينتهوا عن الشربِ إلا بالقتلِ جاز ذلك، كما جاء في حديثٍ آخَرَ في السننِ أنه نهاهم عن أنواعٍ من الأشربةِ المسكِرةِ، قال: «فإن لم يَدَعوا ذلك؛ فاقتلوهم» (١).

وأما تاركُ الصَّلاةِ فإنه يستحقُّ العقوبةَ اتفاقًا، وأكثرُهم يقتُلُه بعدَ أن يُسْتتابَ، وهل يُقتَلُ كافرًا، أو حدًّا؟ فيه نزاعٌ.

وإذا لم يمكنْ إقامةُ الحدِّ على مثلِ هذا؛ فإنه يُعمَلُ معَه الممكنُ، فيُهجَرُّ ويُوبَّخُ، حتى يفعلَ المفروضَ، ويتركَ المحظورَ (٢).

وخمرُ العنبِ حرامٌ باتفاقِ المسلمِينَ، قليلُه وكثيرُه، فمن استحلَّ شيئًا من ذلك يُسْتتابُ، فإن تاب وإلا قُتِل.

وأبو حنيفةَ يحرِّمُ نبيذَ التمرِ والزبيبِ النِّيْءِ، قليلَه وكثيرَه إذا كان مسكرًا، وكذلك المطبوخُ من عصيرِ العنبِ الذي لم يذهَبْ ثُلُثاه، فإنه يحرمُ عنده قليله وكثيره، فهذه الأربعةُ يحرُمُ عندَه قليلُها وكثيرُها، وإنما وقعَتِ الشبهةُ في سائرِ المسكِرِ؛ كالمزرِ الذي يُصنَعُ من القمحِ ونحوِه، فالذي عليه جماهيرُ أئمةِ المسلمِينَ كما في «الصحيحَينِ»: أن أهلَ اليمنِ قالوا: يا رسولَ اللهِ: إن عندَنا شرابًا يقالُ له البِتْعُ من العسلِ، وشرابًا


(١) رواه أبو داود (٣٦٨٣)، من حديث ديلم الحميري رضي الله عنه.
(٢) ينظر أصل الفتوى من قوله: (شاربُ الخمرِ … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣٤/ ٢١٦، الفتاوى الكبرى ٣/ ٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>