للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللآخَرُ يُخرِجُه في المرةِ الثانيةِ، والأولُ في المرةِ الثالثة، والثاني في المرة الرابعة، وهلُمَّ جرًّا، فإذا فَعَلوا هذا كانَ عَدْلًا بين الحِزبينِ، ولم يحتجَ إلى محلِّلٍ، ويمكنهم معَ هذا أن يُكثِروا الرميَ.

وأما إعارةُ السلاحِ والخيلِ لمن يعرضُ فيها، فإن كان ممن يرتزقُ من بيتِ المالِ، ويصرِفُه في غيرِ مصارِفِه الشرعيةِ، أو يُقصِّرُ فيما يجبُ عليه من الجهادِ؛ لم يجُزْ إعانتُه على المعصيةِ والتدليسِ والتزويرِ.

وكذلك الجنديُّ الذي يسرفُ في النفقة، أو يُنفِقُها في المعاصي والفواحشِ حتى يبقى؛ لا يمكنُه أن يقومَ بما يجبُ عليه.

وكذلك الذينَ يَكْنِزونَ الذهبَ والفضةَ، ولا يُنفِقونَها في سبيلِ اللهِ، أو يتخذونَ بها ما لا ينفعُ للجهادِ من عرضٍ وعقارٍ؛ حتى لا يَقوموا بما يجبُ عليهم.

وأما إن كان هذا المعارُ معذورًا أو مظلومًا؛ مثلُ: أن يكونَ قد ماتت خيلُه بغيرِ تفريطٍ منه، ولم يُعرِضْ عنها، أو أن الخبزَ الذي له لم يغلَّ (١) ما يقومُ بذلك، أو حدَثَ له من العيالِ ما يمنعونَه من تمامِ العملِ، أو كان قد ظُلِم فلم يُعْطَ من بيتِ المالِ الرزقَ الذي عليه أن يقيمَ به ما ينبغي لمثلِه، فهذا إذا خيفَ في عَرْضِه ناقصًا أن يزدادَ ظلمُه، أو يُقطَعَ خبزُه معَ استحقاقِه، أو يُعطَى خبزُه لمن هو دونَه في نفعِ المسلمِينَ، فأُعيرَ ما يتجمَّلُ به؛ فلا بأسَ بذلك؛ بل يُستحَبُّ ذلك،


(١) في الصحاح ٥/ ١٧٨٥: (فلان يُغِلُّ على عياله، أي يأتيهم بالغَلَّةِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>