للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ (١)

حديثُ أنسٍ في نَفْيِ الجهرِ بالبسملةِ صريحٌ لا يَحتمِلُ تأويلًا، فإن فيه: «فكانوا يَستفتِحونَ بـ {الحمد لله رب العالمين}، لا يذكرونَ {بسم الله الرحمن الرحيم} في أولِ قراءةٍ ولا آخِرِها» (٢)، وهذا النفيُ لا يجوزُ إلا معَ العلمِ بذلك، لا يجوزُ بمجرَّدِ كونِه لم يسمَعْ معَ إمكانِ الجهرِ بلا سماعٍ، واللفظُ الآخَرُ في مسلم: «صليتُ خلفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ فلم أسمَعْ أحدًا منهم يجهَرُ - أو قال: يصلِّي - بـ {بسم الله الرحمن الرحيم}» (٣).

فهذا نَفى فيه السماعَ، ولو لم يُرْوَ إلا هذا اللفظُ؛ لم يَجُزْ تأويلُه بأنَّه لم يكُنْ يَسمعُ معَ جهرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لوجوهٍ:

أحدُها: أنَّه إنما رَوى هذا ليُبيِّنَ للناسِ ما كانَ يفعَلُه الرسولُ صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا غرضَ لهم في معرفةِ كونِ أنسٍ سمِعَ أو لم يسمعْ إلا ليَستدلوا بعدَمِ سَماعِه على عدَمِ المسموعِ، فلو لم يدلَّ؛ لم يكن أنسٌ يروي شيئًا لا فائدةَ فيه، ولا كانوا يَرْوُونَ هذا الذي لا يُفيدُهم.


(١) ينظر أصل الفتوى في ذا الفصل في مجموع الفتاوى ٢٢/ ٤١٠.
(٢) رواه مسلم (٣٩٩).
(٣) رواه مسلم (٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>