للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ (١)

أمَّا مَن سافرَ لمجردِ زيارةِ قبورِ الأنبياءِ والصالحينَ؛ فهل يجوزُ له قصرُ الصلاةِ؟ على قولينِ معروفينِ:

أحدُهما - وهو قولُ متقدِّمي العلماءِ الذين لا يُجوِّزونَ القصرَ في سفرِ المعصيةِ؛ كأبي عبدِ اللهِ بنِ بَطَّةَ، وأبي الوفاءِ بنِ عَقيلٍ، وطوائفَ كثيرينَ من المتقدِّمِينَ -: أنَّه لا يجوزُ القصرُ في مثلِ هذا السفرِ، ومذهَبُ مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ: لا يقصُرُ في سفرٍ مَنهِيٍّ عنه.

والقولُ الثاني: أنَّه يقصُرُ، وهذا يقولُه مَن يُجوِّزُ القصرَ في السفرِ المحرَّمِ؛ كأبي حنيفةَ، ويقولُه بعضُ المتأخِّرِينَ من أصحابِ الشافعيِّ وأحمدَ ممن يجوِّزُ السفرَ لزيارةِ قبورِ الأنبياءِ والصالحينَ؛ كأبي حامدٍ الغزاليِّ، وأبي الحسنِ بنِ عَبْدوسٍ الحَرَّانيِّ، وأبي محمدٍ بنِ قُدَامةَ المَقْدسيِّ؛ وهؤلاءِ يقولونَ: السفرُ ليس بمعصيةٍ؛ لعمومِ قولِه: «فزُوروا القبورَ» (٢).

واحتجَّ ابنُ قُدامةَ أبو محمدِ: بأنَّ النبيَّ كان يزورُ قُباءَ، وأجابَ عن قولِه: «لا تُشَدُّ الرحالُ … » (٣)، بأنه محمولٌ على نفيِ الاستحبابِ.


(١) ينظر أصل الفتوى في هذا الفصل في مجموع الفتاوى ٢٧/ ١٨٢، الفتاوى الكبرى ٥/ ٢٨٧.
(٢) رواه مسلم (٩٧٧) من حديث بريدة رضي الله عنه.
(٣) رواه البخاري (١١٨٩)، ومسلم (١٣٩٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>